مرتين (١).
(قال عبد المحمود) : فلو كان خالد معذورا فيما اعتذر به من قتلهم لما قال نبيهم : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ، ثم انظر إلى أقدام خالد على مخالفة نبيهم في حياته وما ظهر منه ، وكان الصواب ترك ولاية خالد ومحبته عند من يقول بصحة الخبر المذكور.
ومن ذلك ما تقدمت روايتهم في صحاحهم أن نبيهم اختار أبا بكر ونفذه إلى خيبر ، فرجع هاربا أو معتذرا وظهر ضرر اختياره له ، وفي رواية أخرى أنه اختار أيضا عمر بعد انكسار أبي بكر ، فرجع أيضا ولم يفتح له.
ومن ذلك ما تقدمت روايتهم في تأدية أبي بكر سورة البراءة عند من يقول إن إنفاذ نبيهم أبا بكر بالآيات من البراءة كان لحسن ظنه به ، وكيف رد الله اختياره وكشف أن الصواب في ترك إنفاذه.
(قال عبد المحمود) : فإذا كان الأنبياء مع كمالهم وعصمتهم قد ظهر ضرر اختيارهم لكثير من الرجال ، فكيف تحصل الثقة باختيار بعض الصحابة ممن يمكن أن يكونوا وقت اختيارهم في باطن حالهم غير صالحين ولا مأمونين؟ إن تفضيل اختيار قوم غير مقطوع على عصمتهم عندهم من الصحابة على اختيار الأنبياء المعصومين غلط هائل وتدبير آفل.
ومن طريف مناقضتهم في ذلك ما رواه الثعلبي وغيره في تفسير قوله تعالى " له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله " (١) فقال : إن عامر بن الطفيل جاء إلى النبي " ص " فقال : ما لي إن أسلمت؟ قال : لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم فقال : تجعل لي الأمر من بعدك؟ فقال : ليس ذلك إلى إنما ذلك إلى الله عز وجل يجعله حيث يشاء.
__________________
(١) البخاري في صحيحه : ٥ / ١٠٧.
(٢) الرعد : ١١.