خالف في تدبير الخلافة رسولهم محمدا " ص " وأبا بكر الذي كان أصل خلافته فكيف تثبت له وصية الخلافة مع هذه المخالفة؟ وأيضا فقد ذكروا عنه ما قد تقدم شرح بعضه من هدم كثير من شريعة نبيهم ونقضه أركان شريعته ، فكيف يصح وصيته بالخلافة لسواه ، وهو على ما ذكروه من الذم الذي شرحنا بعضه عنهم ورويناه ومن شهدوا عليه أنه على صفات لا تصح خلافته في نفسه ، فكيف يكون وصيته موجبة لخلافة غيره؟ إن هذا من البهت الشنيع والاختلاط البديع وإذا كانت خلافة عثمان على هذا الأساس الخراب كيف تصح له خلافته عند ذوي الألباب.
ومن طرائف فساد الأذهان والأديان تعويلهم بعد هذا على ما دبره عبد الرحمن لعثمان بن عفان ، وقد تقدمت روايتهم في مسند المغيرة بن شعبة أن عبد الرحمن ما رعا حرمة نبيهم في حياته وأنه عزل رسولهم عن مقام صلاته ولم يصبر عليه حتى يتوضأ للصلاة ، وقد كان عند عبد الرحمن من الجهل وسوء النظر والتصرفات إلى الحد الذي ذكرناه ، فكيف يصلح هذا للخلافة أو لاختيار الخلفاء لولا الغفلة الشديدة التي لا تخفى على العقلاء.
وأيضا فإن عبد الرحمن ما كان من أهل زهادة في الدنيا ولا بصفة من يكون حاكما على سائر المسلمين في شرق الأرض وغربها ويصير رأيه وقوله قائما مقام رأيهم ومشورتهم جميعا ، ليت شعري من جعل ذلك له ومن أثبت له هذا المقام وهو قد أقر على نفسه أنه لا يصلح للخلافة أو كان يصلح وغش المسلمين وعزل نفسه ، فكيف يكون زاهدا في الدنيا ومأمونا على اختيار الخلفاء قائما مقام سائر المسلمين.
وقد ذكر أصحاب التواريخ وصاحب كتاب الإستيعاب أنه لما مات قسمت تركته على ورثته وكان له ثلاث زوجات وقيل أربع ، فأصاب كل واحدة منهن