اختلاف الفقهاء عن مالك إن وضع اليدين إحداهما على الأخرى إنما تفعل في صلاة النوافل من طول القيام وتركه أحب إلي ، وحكى الطحاوي عن الليث ابن سعد أنه قال : شد اليدين في الصلاة أحب إلي إلا أن يطول القيام ويتعب فلا بأس بوضع اليمين على اليسرى.
مع أن الشافعي وأبا حنيفة وسفيان وأحمد حنبل وأبا ثور وداود يذهبون إلى أن وضع اليمين على اليسار في الصلاة مستحب ، وفي إحدى الروايتين عن مالك لا يفعل ذلك في الفريضة كما تقدم وإنما يفعل ذلك في النافلة إذا طالت وأعيى من القيام للاستراحة.
(قال عبد المحمود) : فهذا قول جماعة من أئمتهم فأي ذم يتوجه على من أنكروا عليه ترك وضع اليمين على الشمال ، لولا قلة الإنصاف في كثير من الأقوال والأفعال ، وهب أنه مستحب فهل يستحق الذم بترك المستحب؟ وما أراهم ينكرون على أصحاب مالك إذ لم يضعوا اليمين على الشمال ، فهلا كان لهذه الفرقة أسوة بهم في هذه الحال.
ومن طرائف ما رأيت منهم أيضا تعظيمهم لترك قول آمين في الصلاة بعد قراءة السورة التي يسمونها الفاتحة ، ورأيت كتبهم تتضمن أنها مستحبة ومندوبة فأي إنكار أو قبيح يتوجه على من ترك المندوب لولا العداوة وعمى القلوب ، وذكروا في إحدى الروايتين عن مالك أن الإمام لا يقول آمين أصلا ، وقد سألت جماعة من الشيعة الذين يتركون قول آمين عقيب قراءة الحمد ، فذكروا أنها ليست من جملة القرآن ولا التسبيح ولا عذر لهم في قولهم إن معناها الدعاء ، لأنهم لا يشترطون فيها ما يشترطون في الدعاء من القصد وحضور القلب بل يقولون أنه يقولها سواء كان داعيا في قراءة أو تاركا لقصد الدعاء وأوقفني التاركون لقول آمين في الصلاة على أخبار كثيرة قد نقلوها عن عترة نبيهم بأن قول آمين