أتباعه. كالقاضي «أبي بكر الباقلاني (١) و «ابن فورك» ثم حصل هاهنا بين «الأشعري» وبين «القاضي» اختلاف من وجه آخر. فقال الأشعري : قدرة العبد كما لم تؤثر في وجود الفعل البتة ، لم تؤثر أيضا في شيء من صفات ذلك الفعل وقال القاضي : «قدرة العبد وإن لم تؤثر في وجود ذلك الفعل ، إلا أنها أثرت في صفة من صفات ذلك الفعل ، وتلك الصفة هي المسماة بالكسب» قال : «وذلك لأن الحركة التي هي [طاعة والحركة التي هي (٢)] معصية قد اشتركا في كون كل منهما حركة ، وامتازت إحداهما عن الأخرى بكونها طاعة أو معصية. وما به المشاركة غير ما به الممايزة. فثبت : ان كونها حركة غير ، وكونها طاعة أو معصية فذات الحركة ووجودها واقع بقدرة الله تعالى. أما كونها طاعة أو معصية فهو صفة واقعة بقدرة العبد».
هذا تلخيص مذهب «القاضي» على أحسن الوجوه.
القول الثاني : إن المؤثر في وجود ذلك الفعل هو قدرة الله تعالى ، مع قدرة العبد.
ثم هاهنا احتمالان :
أحدهما : أن يقال : إن قدرة الله تعالى مستقلة بالتأثير [وقدرة العبد أيضا مستقلة بالتأثير (٣)] إلا أن اجتماع المؤثرين المستقلين على الأثر الواحد : جائز(٤).
__________________
(١) «والقاضي أبو بكر الباقلاني تخطى عن هذا القدر قليلا. فقال : «الدليل قد قام على أن القدرة الحادثة لا تصلح للإيجاد ، لكن ليست تقصر صفات الفعل أو وجوده واعتباراته على جهة الحدوث فقط. بل هاهنا وجوه أخر ، وراء الحدوث من كون الجوهر متحيزا قابلا للعرض ، ومن كون العرض عرضا ولونا وسوادا وغير ذلك. وهذه أحوال عند مثبتي الأحوال» قال : «فجهة كون الفعل حاصلا بالقدرة الحادثة أو تحتها : نسبة خاصة ، يسمى ذلك كسبا. وذلك هو أثر القدرة الحادثة» قال : «فإذا جاز على أصل المعتزلة أن يكون تأثير القدرة أو القادرية القديمة في حال هو الحدوث والوجود ، أو في وجه من وجوه الفعل. فلم لا يجوز أن يكون تأثير القدرة الحادثة في حال هو صفة للحادث أو في وجه من وجوه الفعل ، وهو كون الحركة مثلا على هيئة مخصوصة؟»
(٢) من (ط ، ل).
(٣) سقط (م).
(٤) في كتاب «الإبانة عن أصول الديانة» استدل الأشعري بهذا الحديث :