المطلوب. وهذا برهان نفيس شريف ، مركب من مقدمتين مقررتين بالنص القاطع ، والبرهان الساطع.
الحجة الثالثة : إنه تعالى أضاف أعمال العباد إليهم ، ثم إنه تعالى أضافها بأعيانها إلى نفسه. وذلك يدل على أن فعل العبد ، فعل الله تعالى. بيان المقدمة الأولى ، بآيات : إحداها : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : آمِنُوا) (١) ثم قال : (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) (٢) وذلك يدل على أن إيمان العبد فعل الله تعالى ، والعبد معا. وثانيها : قوله تعالى : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً ، وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) (٣) ثم قال : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (٤) وثالثها : قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) (٥) وقال : (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) (٦) ورابعها : قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ. وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ ، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ. وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٧) فأضاف قتلهم ورميهم إلى نفسه. وخامسها : قوله تعالى : (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٨) ثم قال : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ) (٩).
فإن قيل :
أما قوله : (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) فالمراد منه : الإعانة ، وهو خلق الألطاف.
وأما قوله : (هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) فالكلام فيه من وجهين : الأول : لا نسلم أن «أضحك» عبارة عن إيجاد الضحك ، بل المضحك والمبكي من
__________________
(١) سورة النساء ، آية : ١٣٦.
(٢) سورة المجادلة ، آية ، آية : ٢٢.
(٣) سورة التوبة : آية : ٨٢.
(٤) سورة النجم ، آية : ٤٣.
(٥) سورة العنكبوت ، آية : ٢٠.
(٦) سورة يونس ، آية : ٢٢.
(٧) سورة الأنفال ، آية : ١٧.
(٨) سورة التوبة ، آية : ٤٠.
(٩) سورة الأنفال ، آية : ٥.