فانكسر ، ودفعته فاندفع ، ولا يقال : وانكسر واندفع.
والجواب عن الأول من وجهين :
الأول : إن الاشتراك خلاف الأصل ، فوجب أن يعتقد أن وزن الأفعال حقيقة في أحدها ، مجاز في الآخر. وجعله حقيقة في التكوين ، مجازا في الوجدان : أولى من العكس. ويدل عليه وجوه :
الوجه الأول : إن مجيء هذا البناء بمعنى التكوين أكثر من مجيئه بمعنى الوجدان. والكثرة دليل الرجحان.
الثاني : إن مبادرة الفهم إلى التكوين ، أكثر من مبادرته إلى الوجدان. أعني : من هذا اللفظ ، ومبادرة الفهم دليل كونه حقيقة فيه.
الثالث : إنا إن جعلناه حقيقة في التكوين ، أمكن جعله مجازا عن الوجدان ، لأن العلم بالشيء تابع لحصول المعلوم ، فجعل اللفظ حقيقة في الأصل ، مجازا في التبع ، موافق للعقول. أما لو جعلناه حقيقة في الوجدان ، مجازا في الوجود ، لزم جعله حقيقة في التبع ، مجازا في الأصل ، وإنه على خلاف المعقول.
والوجه الثاني في الجواب : إنا نسلم كون اللفظ ، بالنسبة إلى هذين المفهومين. إلا أنا نقول : يجب حمل قوله : (أَغْفَلْنا) على خلق الغفلة. وذلك لأن العبد يمتنع كونه موجدا لغفلة نفسه. والدليل عليه : أنه إذا حاول إيجاد الغفلة. فإما أن يحاول إيجاد مطلق الغفلة ، أو يحاول إيجاد الغفلة عن شيء معين. والأول باطل. وإلا لم يكن بأن تحصل له الغفلة عن هذا أولى من أن تحصل له الغفلة عن ذاك. لأن الطبيعة الحسنة ، نسبتها إلى كل الأنواع على السوية. وأما الثاني. فهو أيضا محال. لأن الغفلة عن كذا عبارة عن غفلة لا تمتاز عن سائر الغفلات ، إلا بكونها منتسبة إلى ذلك الشيء المعين ، فلا يمكنه أن يقصد إلى إيقاع الغفلة عن كذا ، إلا إذا اعتقد كونه غفلة عن كذا. ولا يمكنه أن يعتقد كون هذا الاعتقاد غفلة عن كذا ، لا إذا تصور ذلك الشيء. لأن العلم بنسبة أمر إلى أمر ، مشروط بتصور كل واحد من المنتسبين.