لا ينزجرون بزجره ، ولا يمتنعون بسبب هذا الوعيد ، لأنهم يكذبونه في ادعاء الرسالة ، فكيف يلتفتون إلى وعده ووعيده؟ فثبت : أنه عليهالسلام إنما ذكر ذلك ، لأنه عرف أن جماعة من المسلمين ، كانوا يكذبون عليه.
الثالث عشر : المحدثون نقلوا أخبارا كثيرة في أنه ـ عليهالسلام ـ كان يحث الناس في الرجوع إلى القرآن ، والمسك به ، والمنع من الأحاديث ، وكتابتها. وذلك يدل أيضا على تقوية قولنا.
الرابع عشر : إن الأخبار المذكورة في باب التشبيه ، بلغت مبلغا كثيرا في العدد ، وبلغت مبلغا عظيما في تقوية التشبيه ، وإثبات أن إله العالم يجري مجرى إنسان كبير الجثة ، عظيم الأعضاء ، وخرجت عن أن تكون قابلة للتأويل. ولما كان القائل بالتشبيه جاهلا بربه. والجاهل بربه يمتنع أن يكون رسولا حقا من عند الله ، علمنا : أن أكثر هذه الروايات : أباطيل وأضاليل ، وأن منصب الرسالة منزه عنه.
والعجب من هؤلاء المحدثين : أنهم يقولون : فلان متهم بالرفض ، فلا تقبل روايته ، ولم يقل أحد منهم : فلان مصرح بالتشبيه ، فكان جاهلا بربه ، فوجب أن لا تقبل روايته. لأن الطعن في أبو بكر وعمر ، لا يزيد على الطعن في ذات الله تعالى ، وفي صفاته.
فثبت بمجموع هذه الوجوه : أن أخبار الآحاد ضعيفة لا تفيد إلا الظن.
وإذا ثبت هذا فلنرجع إلى مطلوبنا من هذا الكتاب. فنقول : مسألة القضاء والقدر ، مسألة قطعية يقينية ، وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن. والتمسك بالحجة الظنية في المسألة القطعية لا يجوز.
هذا تقرير هذا السؤال.
والجواب من وجهين :
الأول : هب أن كل واحد من هذه الأخبار غير معلوم الصحة ، إلا أن مجموعها ، ربما بلغ مبلغ القطع واليقين. وبهذا الطريق تمسكنا بالمعجزات