وعاقبة أمري ، فاقدره لي ، ويسره لي ، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعيشتي وعاقبة أمري ، فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به» قال : ويسمي حاجته. قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح.
واعلم : أن الاستدلال به من وجوه :
الأول : إن الفعل الذي يطلب الاستخارة فيه. لا شك أنه قادر عليه ، نظرا إلى سلامة الأعضاء ، وصحة المزاج. ثم إنه مع ذلك طلب من الله تيسيره له ، إن كان له فيه مصلحة ، وصرفه عنه ، إن كان له فيه مفسدة. وهذا التيسير والصرف لا معنى له إلا إلقاء داعية الفعل في القلب ، أو إلقاء داعية الترك فيه. فهذا الحديث يدل على أن صدور الفعل عن العبد ، يتوقف على إلقاء تلك الداعية في قلبه ، ويدل أيضا على أنه متى حصلت تلك الداعية الجازمة في القلب ، فإنه يحصل ذلك الفعل ، لا محالة.
والوجه الثاني : قوله : «اقدر لي الخير ، حيث كان» وهذا يدل على أن الكل بقدر الله.
والثالث : قوله : «ثم أرضني به» وهذا يدل على أن حصول الرضا في القلب تارة ، والسخط أخرى. ليس إلا من الله تعالى.
قالوا : لم لا يجوز أن يكون المراد من التيسير ، فعل الألطاف ، وتحصيل المعدات ، وإزالة العوائق؟ وأما قوله : «فاقدره لي» فالمراد : فاكتب لي ذلك.
والجواب : إن مذهبكم أن العبد قادر على ذلك الفعل ، وعلى ضده ، وأن ترجيح أحدهما على الآخر ليس إلا من العبد ، وليس لله في ذلك الترجيح ، صنع ، ولا عمل البتة. وإذا كان كذلك ، كان طلب هذا التيسير عبثا ولغوا.
الحجة الخامسة عشر : روى أبو عيسى في جامعه ، بإسناده عن