الحجة الثانية عشر : روى أنس أنه قال : خدمت النبي عليهالسلام سنين. فما بعثني في حاجة لم تتهيأ ، إلا قال : «لو قضى لكان» أو «لو قدر لكان» قالوا : المراد : أن الله لو علم أنه سيكون ، لكان. أو المراد : أنه لو كتب في اللوح المحفوظ أنه كائن ، لكان. ثم قالوا : وليس المراد من التقدير : الخلق. وإلا لصار معنى الكلام إنه لو كان لكان. فيصير الجزاء عين الشرط.
والجواب : أما حمل التقدير على الكتابة ، أو العلم. فقد سبق القول فيه. وقوله : «يلزم كون الجزاء عين الشرط» قلنا : هذا لا يلزم على قولنا : إن مجموع القدرة مع الداعي يوجب الفعل. لأن الشرط هو خلق القدرة مع الداعي ، والجزاء ترتيب الفعل عليه.
الحجة الثالثة عشر : قال ابن الرملي : أتيت أبي بن كعب ، فقلت : في نفسي شيء من القدر ، فحدثني بشيء لعله أن يذهب عن قلبي. فقال : إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه ، عذبهم غير ظالم. ولو رحمهم ، كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم. ولو انفقت مثل جبل أحد في سبيل الله ، ما قبل الله منك ، حتى تؤمن بالقدر ، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ولو متّ على غير ذلك ، أوجبت النار. قال : ثم أتيت عبد الله بن مسعود ، فقال : مثل قوله ، ثم أتيت حذيفة بن اليمان ، فقال : مثل قوله ، ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلىاللهعليهوسلم بمثل ذلك. وأما المعتزلة. فإنهم حملوه على العلم والكتابة. وقد سبق جوابه.
الحجة الرابعة عشر : التمسك بالدعاء المروي في صلاة الاستخارة ، روى أبو عيسى الترمذي في جامعه بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري. قال : كان رسول الله عليهالسلام يعلمنا الاستخارة في الأمور ، كما يعلمنا السورة من القرآن. يقول : «إذا همّ أحدكم بالأمر ، فليركع ركعتين من غير الفريضة» ثم ليقل : «اللهم اني استخيرك بعلمك ، واستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم. فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعيشتي ،