عنه ، إلا مع شرط كونه مصلحة.
وقوله : «وقنا شر ما قضيت» طلب مطلق غير مشروط ، فامتنع أن يكون المراد بهذا الدعاء ما ذكروه.
والجواب عن الثاني : إن التكليف بالدعاء ، تكليف بفعل مخصوص ، كسائر التكاليف. وعندنا : أنه ليس لشيء من أفعال العباد تأثير في إيجاب ثواب ، أو إيجاب عقاب. فكذا هاهنا.
والوجه الرابع في الاستدلال بهذا الخبر : قوله : «فإنك تقضي ولا يقضى عليك» وهذا صريح مذهبنا في أنه لا يقبح من الله شيء. وليس لأحد على الله حق. ولا يلزمه تعالى ، بسبب أفعال العباد شيء. وكل ذلك يبطل قول المعتزلة. والله أعلم.
الحجة السادسة عشر : ما رواه الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تعالى لما وعد موسى أن يكلمه ، خرج في الوقت الذي وعده الله» قال : «فبينا هو يناجي ربه ، إذ سمع خلفه صوتا. فقال : اللهم اسمع خلفي صوتا. لعل قومي ضلّوا. قال : نعم يا موسى. قال : إلهي. فمن أضلهم؟ فقال : أضلهم السامري. قال : إلهي. فيم أضلهم؟ قال : صاغ لهم عجلا جسدا ، له خوار. قال : إلهي. هذا السامري ، صاغ لهم العجل ، فمن نفخ فيه الروح ، حتى صار له خوار؟ قال : أنا يا موسى. قال : فوعزتك يا إلهي. ما أضل قومي غيرك. قال : صدقت يا حكيم الحكماء. لا ينبغي لحكيم أن يكون أحكم منك».
قال الكعبي في بعض تصانيفه : هذا الخبر ضعيف. وبيانه من وجوه :
الأول : إن هذا الخبر ، اشتمل على تكذيب الله. لأنه تعالى قال : (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) (١) والحديث دل على أن موسى حلف بعزة الله : أنه ما أضلهم غير الله. وإذا كان المضل هو الله ، فالسامري لا يكون مضلا لهم ، مع
__________________
(١) سورة طه ، آية : ٨٥.