أن الله تعالى قال : (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) فيكون هذا تصريحا من موسى بتكذيب الله ، وحاشاه من مثل هذا المقال.
والثاني : في هذا الحديث. أن موسى صلىاللهعليهوسلم أحكم الحكماء ، بسبب أنه أضاف ذلك الإضلال إلى الله ، وأن الله أضاف الإضلال إلى السامري في القرآن ، حيث قال : (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) وهذا يقتضي أن يكون موسى عليهالسلام أكثر حكمة وعلما من الله ـ تعالى عما يقول الظالمون ـ.
والثالث : إن موسى عند اشتغاله بمناجاة الله ، ما كان بحيث يسمع صوت قومه.
والرابع : إنه لما سمع ذلك الصوت ، لم يفهم كلامهم ، فكيف عرف بمجرد سماع الصوت ، أن القوم قد ضلوا؟
والجواب عن الأول : ظاهر على قولنا : إن مجموع القدرة مع الداعي ، يوجب الفعل. وذلك لأن السامري «أضلهم» على معنى أنهم إنما ضلوا بسبب الفعل الصادر عنه. والله تعالى أضلهم بمعنى أنه تعالى هو الذي خلق القدرة والداعية ، اللذين صار مجموعهما موجبا لحصول ذلك الفعل. فأحدهما : سبب قريب. والآخر : سبب بعيد.
وبه خرج الجواب عن السؤال الثاني : وذلك لأنه تعالى أضاف الإضلال إلى السامري ، إضافة الحكم إلى السبب القريب. وموسى صلىاللهعليهوسلم أضافه إلى الله تعالى إضافة الحكم إلى السبب البعيد. والمبدأ الأول لما بينه موسى عليهالسلام ، أنه المؤثر الأول ، الذي هو سبب الأسباب ، لا جرم قال تعالى : «إنك أحكم الحكماء» ولا يلزم من هذا القدر أن يكون أكثر حكمة من الله.
وأما قوله ثالثا : «كيف سمع موسى هناك أصوات القوم؟ فنقول : ذلك الزمان أمكن انخراق العادات. وعندنا لا يبعد أن يخلق الله سمعا للإنسان يسمع به الأصوات المتباعدة جدا.
وأما قوله رابعا : «هب أنه سمع الأصوات ، فكيف عرف أنهم