ضلوا؟» قلنا : بالطريق الذي ثبت جواز أن سمع به تلك الأصوات البعيدة ، ثبت أيضا جواز أن يفهم كلامهم.
وبهذا الطريق سقطت هذه الكلمات. والله أعلم.
الحجة السابعة عشر : ما روى أنس. أن النبي عليهالسلام قال : «إذا أراد الله بعبد خيرا ، استعمله» قيل : فكيف يستعمله يا رسول الله؟ قال : «يوفقه لعمل صالح قبل الموت (١)» ووجه الاستدلال بهذا الخبر : هو أن هذا صريح مذهبنا في أن قدرة العبد إن كانت صالحة للعمل الصالح وللعمل الفاسد. فذلك التوفيق ، عبارة عن ترجيح داعية الصلاح على داعية الفساد في قلبه. ثم إنه تعالى اكتفى بذكر هذا التوفيق عن وقوع ذلك العمل الصالح. لأن عند حصول هذا التوفيق يكون حصول الفعل واجبا ، فاستغنى بذكر السبب عن ذكر المسبب. ولو كان تخلف الفعل عن حصول هذا التوفيق ممكنا ، لكان من الواجب أن لا يكتفي بذكر هذا التوفيق عن حصول ذلك الفعل. بل كان ينبغي أن يذكر أن ذلك الفعل. هل حصل أم لا؟
الحجة الثامنة عشر : قوله عليهالسلام ، حكاية عن رب العزة : «خلقت هؤلاء للجنة ، ولا أبالي ، وخلقت هؤلاء للنار ، ولا أبالي» والخصوم حملوه على العلم ، أو على الكتابة في اللوح المحفوظ. وقد سبق جوابه.
الحجة التاسعة عشر : ما روى أبو حازم ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من وقى الذي بين لحييه ورجليه دخل الجنة» النص : دل على أن تلك الوقاية مضافة إلى غير العبد. وما ذاك إلا الله تعالى. وهذا يدل على أن العبد إنما يبقى مصونا عن المعاصي بتوفيق الله. قالوا : المراد منه : «الألطاف» وجوابنا : إن كل ما قدر الله (٢) عليه من الألطاف ، فقد فعله. وأيضا : اللطيف لا بد وأن يكون مرجحا ، وكل مرجح
__________________
(١) إلى هنا نهاية السقط في المخطوطات ، غير مخطوطة أسعد أفندي. السقط المشار إليه في نهاية الباب الثاني.
(٢) الله من عليه الألطاف (م).