يخلق ذلك المراد على وفق تلك الإرادة. والحاصل : أن مقارنة الفعل مع حصول القدرة والإرادة معلومة. فأما كون الفعل به ، فذاك البتة غير معلوم. ومن قال خلاف ذلك ، كان مكابرا معاندا.
الثالث : إنا إذا رجعنا إلى أنفسنا ، علمنا : أن إرادتنا للشيء ، لا تتوقف على إرادتنا لتلك الإرادة. وإلّا لزم التسلسل. بل نعلم بالضرورة : أنا إن شئنا أم أبينا ، فإنا نريد ذلك الفعل المخصوص ، ونعلم أنه متى حصلت تلك الإرادة بنا. فالإنسان مضطر في صورة مختار.
والعجب من «أبي الحسين» أنه خالف أصحابه في قولهم : «الفعل لا يتوقف على الداعي» وزعم : أن الفعل يتوقف على الداعي ، وزعم أن حصول الفعل عقيب الداعي واجب. والاعتراف بهاتين المقدمتين : عين الاعتراف بالجبر. ثم إنه بعد ذلك بالغ في إثبات الاعتزال ، وزعم : أن العلم الضروري حاصل بكون العبد موجدا. والجمع بين هذين القولين: عجيب. والأظهر : أنه لما بالغ في تقرير الجبر من حيث المعنى ، فلعله خاف من مخالفة أصحابه ، فأراد إخفاء ذلك المذهب بهذه المبالغة. والله أعلم.