على فعل (١) العبادة. أما إذا كان العبد غير قادر على العبادة. بل يكون القادر على العبادة هو الله تعالى لزم أن يقال : إنه استحق على نفسه أن يعبد نفسه ، وذلك غير معقول.
قال أهل السنة : كلامكم مبني على أن لفظ «الله» معناه : المستحق للعبادة. وهذا باطل. ويدل عليه وجهان :
الأول : إنا بينا في تفسير أسماء الله : أن «الله» : اسم [علم (٢)] غير مشتق.
[الثاني (٣)] : لو سلمنا أنه مشتق ، لكن لا نسلم أن معناه : أنه الذي يستحق العبادة. ويدل عليه وجهان :
الأول : إنه لو كان كذلك ، لوجب أن لا يكون إلها للجمادات والبهائم ، لأنه ـ تعالى ـ يستحق عليها العبادة ، ولزم أن لا يكون إلها في الأزل لم يخلق أحدا ، ولم ينعم على أحد فلم يكن مستحقا للعبادة.
الثاني : إنا بينا : أن العقل لا يدل على حصول الاستحقاق. لأنه لا يتفاوت حال المعبود بسبب هذه العبادة ـ وهي شاقة على العابد ـ فوجب أن لا يحكم العقل بوجوبه.
إذا ثبت هذا ، فنقول : الإله هو القادر على الاختراع. والدليل عليه : أنه تعالى إنما ظهر الامتياز بينه وبين سائر الذوات بصفته الخلاقية. فقال : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) (٤)؟ ولما كان المذكور في معرض الامتياز هو هذه الصفة ، علمنا : أن معنى الإلهية ليس إلا الخلاقية. فلو كان العبد موجدا لأفعال نفسه ، لكان خالقا لها ، وحينئذ يبطل الفرق بين الإله ، وبين العبد في
__________________
(١) أفعال (م).
(٢) من (م ، ل).
(٣) من (م ، ل).
(٤) سورة النحل ، آية : ١٧.