الجواب : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) (١) بل قال : (كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) (٢) وسابعها : قوله : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ، فَيَقُولَ : رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ : فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٣).
فهذه الآيات دالة على أن الكفار يجعلون عدم بعثة الأنبياء ، وعدم الإمهال عذرا لهم في ترك الإيمان. والله يقول : إني أزلت هذا العذر لئلا يبقى سؤالهم متوجها عليّ. فإذا كان هذا القدر من العذر ، وهو عدم بعثة الأنبياء عليهمالسلام [لم (٤)] يقبله الله تعالى من الكفار [فلأن لا (٥)] يكون العبد ممنوعا عن الإيمان من الوجوه الاثني عشر التي ذكرناها ، لئلا (٦) يكون عذرا له في عدم الإيمان : كان أولى. بل نقول : هذا العذر أولى بالقبول. وذلك لأن الله تعالى لو بعث الرسل ، ولم يخلق الإيمان البتة لم يؤمن العبد البتة. ولو خلق الإيمان ، ولم يبعث الرسل ، لآمن لا محالة. فكيف يجوز أن يزيل الله عذرا ، لا تأثير له البتة ولا يزيل ما هو المؤثر الأصلي؟ فإن هذا يكون كالمناقض. وأما قوله تعالى : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) فقالوا : المراد منه : لما ثبت بالدلائل أنه تعالى لا يفعل إلا ما هو حكمة وصواب ، لم يكن في السؤال عن كل واحد من التصور مزيد فائدة. بل العلم حاصل بأن أي شيء يفعله الله فهو حكمة وصواب. وليس المراد بأنه تعالى بلغ في الظلم مبلغا لا يسأل عن فعله خوفا من شره كالفراعنة والجبابرة ، والذين يظلمون ولا يسألون عن فعلهم ، خوفا من شرهم.
فهذا تمام تقرير كلام القوم في هذا الباب.
__________________
(١) سورة الأنبياء ، آية : ٢٣.
(٢) سورة طه ، آية : ١٢٦.
(٣) سورة المنافقون ، آية : ١٠.
(٤) زيادة.
(٥) زيادة.
(٦) لأن يكون (م).