[عليها (١)] بأفعال أخرى. وبيان المقدمة الثانية. وهي قولنا : إن ذلك يقتضي أن لا يكون فعل العبد فعلا لله تعالى. فتقديره من وجهين :
الأول : إنه لو كان الشرط فعلا لله تعالى ، كما أن الجزاء فعله ، لصار العبد من هذا الشرط والجزاء خارجا من البين ، ويصير التقدير كأنه تعالى يقول : إني متى فعلت الفعل الفلاني فإني أفعل بعده فعلا آخر. إلا أن التغاير بين هذا الكلام وبين [قوله (٢)] أيها العبد إن أطعتني أثبتك ، وإن عصيتني عاقبتك : معلوم بالضرورة.
الثاني : إنه تعالى إنما رتب هذه الأجزية على أفعال العباد ترغيبا لهم (٣) في الطاعات ومنعا لهم عن المحظورات. وهذا إنما يفيد إذا كانوا قادرين على الفعل والترك ، متمكنين من كل واحد منهما على البذل. وقد بينا : أنه لو كان موجد أفعال العباد هو الله تعالى لما [بقيت (٤)] هذه القدرة وحينئذ يصير هذا الترغيب والترهيب عبثا بالكلية. ومما يؤكد ذلك قوله تعالى : (وَقالُوا : اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا. تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا : أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) (٥) والاستدلال به من وجهين :
الأول : إن ذلك القول لو كان مخلوقا لله تعالى لصار الكلام ركيكا لأنه يصير تقدير الكلام : تكاد السموات أجعلها منفطرة والأرضين أجعلها منشقة بما خلقت في العبد هذا الكلام ، وأردته وقضيت به. ومعلوم : أن ذلك في غاية الركاكة. وأيضا : فقوله : (لقد جئتم شيئا إدّا). نص في أن العبد هو الذي جاء بذلك الفعل.
الثاني : إن الواحد منا إذا أنكر على غيره فعلا ، ثم أتى بمثله عد سفيها.
__________________
(١) زيادة.
(٢) من (ط ، ل).
(٣) إليهم (م).
(٤) ثبت (ط).
(٥) سورة مريم ، آية : ٨٨ ـ ٩١.