تعالى حكاية عن آدم عليهالسلام : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١) فأضاف الظلم والذنب إلى نفسه ، والغفران والرحمة إلى الله تعالى. ولو كان الكل من الله تعالى ، لكان هذا التفصيل والتمييز عبثا. ب ـ قال نوح عليهالسلام (إِنِّي أَعُوذُ بِكَ : أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) (٢) ج ـ قال يعقوب عليهالسلام لأولاده : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) (٣) د ـ قال يوسف عليهالسلام : (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) (٤) ه ـ قال موسى عليهالسلام : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ. إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) (٥) سماه : عدوا مضلا ، لأنه أوقعه في ذلك العمل ولو كان فاعل ذلك الفعل هو الله تعالى فالعدو والمضل هو الله تعالى. و ـ وقال موسى عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) (٦) ز ـ وقال يونس عليهالسلام : (سُبْحانَكَ. إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٧) فهؤلاء الأنبياء والرسل عليهمالسلام اعترفوا بأن الذنب منهم ، وأنهم هم الآمرون بهذه الدلالات. فمن حملها على الله فقد ظاهر بتكذيب الأنبياء. وأما بيان أن المؤمنين اعترفوا بذلك. فهو قوله تعالى حكاية عن المؤمنين : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) (٨) فأضافوا الخطأ إلى أنفسهم. وأما بيان أن الكفار اعترفوا بذلك فهو قوله تعالى حكاية عنهم (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا. فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ ، وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٩) والاستدلال بهذه الآية من وجهين : الأول : إن الكفار أضافوا الإضلال إلى سادتهم وكبرائهم ، ولم يقولوا : إلهنا أنت أضللتنا. والثاني : إنهم قالوا : (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ
__________________
(١) سورة الأعراف ، آية : ٢٣.
(٢) سورة هود ، آية : ٤٧.
(٣) سورة يوسف ، آية : ١٨.
(٤) سورة يوسف ، آية : ١٠٠.
(٥) سورة القصص ، آية : ١٥.
(٦) سورة القصص ، آية : ١٦.
(٧) سورة الأنبياء ، آية : ٨٧.
(٨) سورة البقرة ، آية : ٢٨٦.
(٩) سورة الأحزاب ، آية : ٦٧ ـ ٦٨.