خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (١) ثم ذكر بعده : أنه تعالى قصد إلى السموات وساها تسوية مطابقة لمصالح العباد فقال : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) (٢) وأيضا : قال : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) (٣) وهذا تصريح بأن الله تعالى قد أنعم على الكفار. وقال في قصة إبليس : (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (٤) ولو لم تكن عليهم النعم من الله ، ما كان لهذا القول [فائدة (٥)] وقال حاكيا عن موسى : (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً. وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (٦)؟ وقال في سورة النحل : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها. لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٧) ولا شك أن هذا مذكور في معرض تعديد النعم. ثم قال : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً. لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ ، وَمِنْهُ شَجَرٌ) (٨) إلى قوله : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) (٩) وهذه الآيات دالة على أن نعم الله واصلة إلى جميع الخلق. فثبت : أنه تعالى لو خلق الكفر في الكافر ، لما كان له عليه نعمة. وثبت بهذه الآيات : أن نعم الله واصلة إلى الكافر والمؤمن. وهذا يدل على أنه ليس خالقا للكفر في حق الكافر.
واعلم : أن من وقف على هذه الوجوه العشرين التي لخصناها للقوم ، أمكنه الاستدلال بكل آية من آيات القرآن.
واعلم : أن المعتمد في الجواب أن نقول : الآيات الدالة على مذهبنا أيضا كثيرة جدا. ولما تعارضت تلك الآيات [بهذه الآيات (١٠)] وجب الرجوع فيها
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ٢٩.
(٢) سورة البقرة ، آية : ٢٩.
(٣) سورة البقرة : آية : ٤٠ و ٤٧.
(٤) سورة الأعراف ، آية : ٣.
(٥) من (ط. ل).
(٦) سورة الأعراف ، آية : ١٤٠.
(٧) النحل / ٥.
(٨) النحل / ١٠.
(٩) النحل / ١٨.
(١٠) من (ط. ل).