الحركة إلى هذا الجانب ، ولا إلى الحركة إلى جانب آخر ، فإنه البتة لا يصدر عنه. لا الحركة إلى هذا الجانب ، ولا الحركة [إلى (١)] جانب آخر. بل يبقى متوقفا إلى أن يظهر في قلبه ميل خالي عن المعارض.
فإن قالوا : المريض قد يميل طبعه إلى أكل طعام مخصوص ، ومع ذلك يتركه. فعلمنا : أن حصول الفعل عقيب هذا العزم غير واجب. فنقول : هذا سوء فهم قررناه. وذلك لأن المريض إذا دعته شهوته إلى أكل الطعام. فهو إنما يمتنع من أكله ، إذا اعتقد أن له في أكله ضررا ، يزيد على اللذة الحاصلة من أكله. فلولا أن تلك الداعية ، صارت متعارضة بهذه الداعية الثانية ، وإلا لحصل ذلك الفعل لا محالة. إلا أنه لما حصل هذا التعارض. فعند ذلك لا تبقى الداعية الأولى جازمة خالية عن الفتور. فلا جرم لم يترتب عليه الفعل والأثر.
وأما المرتبة الثالثة : وهي أنه لا بد من حصول الميل إلى ما يعتقد فيه كونه نفعا ، وحصول النفرة عما يعتقد فيه كونه ضررا. فهذا أمر معلوم بالضرورة. فإنا نعلم بالضرورة : أن اللذة والسرور مطلوبان بالذات ، والألم والغم مهروب عنهما بالذات.
وأما المرتبة الرابعة : وهي التصور. وهذا أيضا أمر لا بد منه. فإذا إذا لم يصر ذلك الشيء متصورا ، امتنع العلم بكونه [نافعا ، وكونه (٢)] ضارا. وما لم يحصل هذا الإدراك ، لم يحصل الطلب والهرب. فثبت : أن هذه المقدمات [لازمة (٣)].
فلنرجع إلى تقرير البرهان على أن أفعال العباد واقعة على سبيل الاضطرار.
فنقول : قد بينا أنه إذا حصل التصور ، فإن كان التصور نافعا ، مال الطبع إليه. شاء الإنسان أم أبى. إلا أن يحصل هناك معارض. وهو أن
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) سقط (ط).
(٣) سقط (ط).