وصاحب الفصول (قدسسره) لم يأخذ الحيثية في ناحية الموضوع فقال ما لفظه (فهم وان اصابوا في اعتبار الحيثية للتمايز بين العلوم لكنهم أخطئوا في اخذها قيدا للموضوع والصواب أخذها قيدا للبحث وهي عند التحقيق عنوان اجمالي المسائل الذي تقرر في العلم) والظاهر ان المراد من الحيثية المأخوذة في البحث هي منتزعة من المحمولات ولذا قال الاستاذ ولا بالمحمولات اشارة الى ما قاله صاحب الفصول على ما استظهره (قدسسره) منه ويرد عليه ان ذلك غير صالح للتميز به لعدم كونه مميزا في بعض العلوم كمسألة التحسين والتقبيح العقليين المبحوث
__________________
والاعلال الذي هو موضوع علم الصرف وهكذا في علم البيان اخذ في موضوعه حيثية الفصاحة والبلاغة وبالجملة انضمام الحيثيات الى الكلمة توجب تعددها الثالث ان هذه الحيثية بها جهة الاشتراك وبها جهة الامتياز فما به الاشتراك عين ما به الامتياز كالاعراض فان السواد الشديد والضعيف يشتركان في السواد وبالسواد يمتازان فالمائز بين الضعيف والشديد بالشدة وهي مرتبة من السواد وليس السواد الضعيف عبارة عن السواد وعدم الشدة بل للسواد مرتبة ضعيفة ومرتبة شديدة اذا عرفت ذلك فاعلم ان موضوع العلم يتقيد ويتحصص بالحيثية ومع كل حصة يكون موضوعا لعلم خاص وبهذه الحيثية التي قيدت الموضوع تكون جامعة لجميع المسائل وبها تنطبق على موضوعات المسائل بنحو العينية لا بنحو الكلي وفرده مثلا الكلمة لما كانت عامة وتقيدت بحيثية الاعراب والبناء وجعلت موضوعا للعلم انطبقت على موضوعات المسائل انطباقا عينيا فان البحث عن الفاعل مثلا ليس لخصوصية في نفسه من تقدم وتأخر بل بما هو معرب ومبني وهكذا في جميع ابواب النحو فانها تشترك بحيثية الاعراب والبناء وتمتاز بعضها عن بعض بهذه الحيثية فباب الفاعل مع باب المفعول او المضاف اليه يشتركان في الاعراب ويمتازان في الاعراب ايضا وقد اوضحنا ذلك في تقريراتنا لبحثه (قدسسره).