والشوق ونحوها المجعولة بجعل مستقل لا انها مجعولة تبعا لعدم كون العلم ونحوه من المجعولات التبعية ، وانما هي مجعولة بجعل مستقل ، فيكون الفعل الصادر من الانسان لا جبر ، باعتبار صدور الفعل عن اختيار الانسان المنتهى الى ذاته ، ولا تفويض ، باعتبار ان بعض مبادئه. كالعلم بالفائدة والشوق المحرك للعضلة مستند الى ذاته تعالى ، وهذا معنى (الامر بين الامرين). لا يقال ان الافعال انما تصدر عن مبادئها. كالعلم بالفائدة والشوق المحرك للعضلة والقدرة والارادة ، وأما صفة الاختيار التي هي من لوازم وجود الانسان المجعولة بجعله لا دخل لها في وجود الفعل ، لأنا نقول : ان هذه الصفة ـ أعني صفة الاختيار فى الانسان ـ قبل صدور الفعل من الفاعل كانت بنحو القوة وبصدوره تكون بنحو الفعلية ، ومما ذكرنا ظهر بطلان ما قاله الأشاعرة من انتفاء الحسن والقبح العقليين لكون الانسان مجبورا على فعله ، بأن الفعل الصادر لما كان عن اختيار بلا قهر وجبر فيحكم العقل باستحقاق الثواب والعقاب على الاطاعة والمعصية وليس للشارع حكم في ذلك ، ولو حكم فانما هو ارشاد الى حكم العقل. ثم انه قد التزم بعض الاعاظم (قدسسره) بالمغايرة بين الطلب والارادة فرارا عن شبهة الجبر ، بتقريب : ان الارادة عبارة عن الشوق المؤكد ، الذي هو من مقولة الكيف والطلب عبارة عن التصدي لتحصيل المراد الذي هو من مقولة الفعل ولا اشكال بتغايرهما على ان حركة العضلات المترتبة على الطلب هي من الانفعال ولازمه ان يحصل من الفعل وليس إلا ان الطلب من مقولة الفعل فاذا كان الطلب عبارة عن التصدي لتحصيل المراد وهو من افعال النفس وهو فعل اختياري لها من دون مدخلية شيء لان النفس لها السلطة التامة على التصدي وليست مجبرة عليه وهذا الاختيار للنفس ذاتي والذاتي