دليل الواقع لأن المناط في الحاكم ان يكون له نظر الى المحكوم عليه ويكون نسبته كنسبة الشارح المبين للمراد من المحكوم. ومن الواضح ان مثل اصالة الطهارة ليس له نظر الى دليل شرطية الطهارة الواقعية حتى يقال انها تجعل له موضوعا وتوسع دائرته إذ ليس لها لسان إلا ان موردها محكوم بالطهارة. كما ان دعوى الورود في غير محلها إذ لا نسلم ان الظاهر من دليل الشرطية الأعم من الطهارة الواقعية بل لخصوص الواقعية. على انه بالوجدان نجد تنافيا بين الطهارة والقذارة فحينئذ اذا كان بحسب الواقع قذرا كيف يكون محكوما في القذارة في مرتبة الظاهر لما عرفت من التضاد بينهما ولو سلم وقلنا بامكان الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي باختلاف المرتبة ولكن بالنسبة الى الاحكام الوضعية لا نسلم جوازه على ان قاعدة الطهارة ليس لسانها إلا معاملة مشكوك الطهارة معاملة الطهارة الواقعية بحسب الظاهر.
وقصارى ما يتخيل بان الجمع ممكن بالنسبة الى الاحكام الوضعية من جهة اختلاف المرتبة فالذى هو بلسان القاعدة المجعول فى زمان الشك الطهارة الفعلية وبحسب الواقع القذارة الواقعية وهي لا تنافى الطهارة المجعولة في ظرف الشك ولكن لا يخفى ان ذلك انما يمكن توجيهه فيما اذا لم يكن العلم غاية مع ان المفروض اخذه غاية في قوله كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر فحينئذ يستفاد من ان مصب القاعدة ابتداء هو الحكم بما يشك في قذارته الفعلية وانه محكوم بالطهارة إلا اذا علمت قذارته الفعلية فيحصل التنافي بينهما.
فان قلت ان المعنى بالعلم يصير قذارة فعلية بالعلم. مثلا اذا شك في الطهارة فيحكم بالطهارة ما لم تعلم انه قذر فاذا حصل العلم بتلك القذارة فتكون فعلية.
قلت هذا خلاف ظاهر القضية فان ظاهرها انها فعلية قبل تعلق العلم وخلاف