ثم ان الأستاذ قدسسره قال بترشح الوجوب على مطلق المقدمة واستدل على ذلك بما لفظه (ولانه لو كان معتبرا فيه الترتب لما كان الطلب يسقط بمجرد الاتيان بها من دون انتظار ترتب الواجب عليها بحيث لا يبقى فى البين إلا طلبه وايجابه كما اذا لم تكن هذه بمقدمة أو كانت حاصلة من الاول قبل ايجابه مع ان الطلب لا يكاد يسقط إلا بالموافقة أو بالعصيان والمخالفة أو بارتفاع موضوع التكليف كما في سقوط الامر بالكفن أو الدفن بسبب غرق الميت أحيانا أو حرقه ولا يكون الاتيان بها بالضرورة من هذه الامور غير الموافقة).
اقول المراد من السقوط ان كان سقوطه عن مرتبة الفعلية باتيان المقدمة من غير ترتب فلا نسلم سقوط مثل ذلك لما عرفت ان تعلق الطلب بالمقدمات من شئون تعلقه بذيها ولا ريب ان تعلقه بكل مقدمة ليس استقلاليا بل هو نظير الطلب المتعلق بالمركب فان تعلقه بالمركب يوجب أن يتعلق بكل جزء منه تعلقا ضمنيا وإن كان المراد سقوطه عن مرتبة البعث والتحريك فلا اشكال في سقوطه بالنسبة الى تلك المرتبة اذ البعث والتحريك لا يتحقق بالنسبة الى الشيء الحاصل لكن ذلك لا يوجب ان تكون المقدمة واجبة على نحو الاطلاق بل بنحو ان يكون وجوبها على نحو وجوب الأجزاء فالاتيان ببعض الأجزاء لا يكون الأمر بالنسبة الى ما اتى به محركا ولكن لا يسقط ذلك الأمر عن مرتبة الفعلية الا بضمها الى الباقي من الاجزاء والاستاذ قدسسره بعد ان التزم بوجود ملاك المقدمة التي هي ما لولاه لما حصل في الصورتين اجاب عن الفصول بما لفظه (ضرورة ان الموصلية انما تنتزع من وجود الواجب وترتبه عليه من دون اختلاف من ناحيتها (١)
__________________
(١) لا يخفى ان جعل الملاك في وجوب المقدمة هو حصول ما لولاه لما