اشكل على ذلك بلزوم الجمع بين لحاظ الآلية والاستقلالية بتقريب ان الاستعمال هو فناء اللفظ في المعنى ولازم ذلك ان يكون النظر الى اللفظ آلة للمعنى وغير ملتفت اليه وفي الوضع الملحوظ نفس اللفظ لحاظا مستقلا وملتفت اليه فلو قصد بالاستعمال الوضع يؤدي الى الجمع بين اللحاظين أي لحاظ الآل ولحاظ الاستقلال في زمان واحد وذلك باطل بالضرورة ولكن لا يخفى ان ذلك يكون محذورا لو اجتمع اللحاظان فى مورد واحد وفي المقام اللحاظان لم يجتمعا في مورد واحد فان الملحوظ فى الاستعمال شخص اللفظ والملحوظ فى الوضع طبيعة اللفظ لطبيعة المعنى فموضوع لحاظ أحدهما غير موضوع الآخر (١) هذا كله لو قلنا بان المعاني مستحدثة وان الشارع قد اخترعها ولم تكن معهودة سابقا واما لو قلنا بأنها كانت معهودة سابقا كما يظهر من بعض الآيات مثل قوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) الى غير ذلك من الآيات الدالة على ان هذه المعاني ثابتة فى الشرائع السابقة فقد قال الاستاذ قدسسره ما لفظه فالفاظها حقائق لغوية لا شرعية واختلاف الشرائع فيها جزء وشرطا لا يوجب اختلافها فى الحقيقة والماهية إذ لعله كان من قبيل
__________________
(١) يرد عليه ان ذلك خروج عن الفرض إذ الفرض ان نفس الاستعمال حصل منه الوضع وحصوله منه لازمه اللحاظ الاستقلالي لنفس اللفظ مع كونه ملحوظا آلة وهو جمع بين اللحاظين في آن واحد نعم يتم ذلك بناء على كون الوضع يحصل قبل الاستعمال بالبناء القلبي والالتزام النفسي والمظهر لذلك هو الاستعمال كما ذكرنا بالنسبة الى الافعال المظهرة للفسخ كالمتوقفة على الملك إلّا انه خلاف الفرض فان الفرض ان نفس الاستعمال حصل منه الوضع والوضع متأخر عنه تأخر المعلول عن علته كما لا يخفى.