قصد المعاني التي هي عند المتشرعة من غير فرق أن الاطلاق كان بنحو الحقيقة أو بنحو المجاز فحينئذ وقع الخلاف أن تلك المعاني المقصودة هل هي الصحيحة أو هي الأعم؟ بتقريب أن الالفاظ المستعملة عند القائل بالصحيح تحمل على المعاني الصحيحة ابتداء ويحتاج حملها على الأعم الى قرينة صارفة عن المعنى الصحيح والقائل بالأعم يقول بأن الالفاظ تحمل على الأعم ويحتاج حملها على الصحيح الى قرينة صارفة عن الأعم. فمن يقول بالحقيقة الشرعية يعتبر العلاقة بينها وبين ما استعمل مجازا ، ومن لا يقول بالحقيقة الشرعية يدعي أن العلاقة اعتبرت اولا بين المعنى اللغوي والصحيح عند القائل بالصحيح وبين المعنى اللغوي والأعم عند القائل بالاعم ولا يلزم ذلك سبك مجاز بمجاز نعم بناء على قول الباقلاني الظاهر عدم تأتي النزاع (١) لانه على قوله لا بد من وجود قرينة تدل على تمام الاجزاء والشرائط فالنزاع في الحقيقة يرجع الى مقدار دلالة القرينة وليس فى مقام اطلاق اللفظ ومن الواضح أن النزاع فى ما يستفاد من الفاظ الشارع هل هو الصحيح أو الاعم لكي يحمل اللفظ على ما يستفاد منه وبالجملة النزاع في اطلاق تلك الالفاظ لا في القرينة.
الثاني المراد من الصحة فى العنوان التمامية وهي امر منتزع من كون المأتي
__________________
على القولين بالتبادر وعدم صحة السلب مع ان ذلك لا يلائم المجازية لما عرفت من عدم التغير والمحافظة على ما ذكره القوم كما لا يخفى.
(١) لا يخفى انه يمكن تأتي النزاع بناء على ما ذكره الباقلانى مع احتمال ان هذه المعانى كانت معهودة سابقا لان اللفظ حينئذ يكون موضوعا للكلي والاستعمال فى الصحيح أو الاعم يكون في المصداق وهو مجاز كما انه لو كان المعنى اللغوي العطف أو الميل أو الخضوع فالاطلاق حينئذ يكون على الفرد مجازا ويكون من باب إطلاق الكلي وارادة فرده وعليه فلا مانع من تأتي الخلاف والنزاع فافهم وتأمل.