قال أبو محمد : فهذا هو النص الذي لا يحتمل تأويلا ولا جاء نص يخرجه عن ظاهره أصلا ولا جاء برهان بتخصيصه في بعض وجوه الإيمان.
قال أبو محمد : وأما ما لم تقم الحجة على المخالف للحق في أي شيء كان فلا يكون كافرا إلا أن يأتي نص بتكفيره فيوقف عنده كمن بلغه وهو في أقاصي الزنج ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم فقط فتمسك عن البحث عن خبره فإنه كافر. فإن قال قائل : فما تقولون فيمن قال أنا أشهد أن محمدا رسول الله ولا أدري أهو قرشي أم تميمي أم فارسي ولا هل كان بالحجاز أو بالخراسان ولا أدري أحي هو أم ميت ولا أدري لعله هذا الرجل الحاضر أم غيره ..؟ قيل له : إن كان جاهلا لا علم عنده بشيء من الأخبار والسير لم يضره ذلك شيئا ووجب تعليمه فإذا علم وصح عنده الحق فإن عاند فهو كافر حلال دمه وماله ، محكوم عليه بحكم المرتد ، وقد علمنا أن كثيرا ممن يتعاطى الفتيا في دين الله عزوجل نعم وكثيرا من الصالحين لا يدري كم لموت النبي صلىاللهعليهوسلم ولا أين كان ولا في أي بلد كان ويكفيه من كل ذلك إقراره بقلبه ولسانه أن رجلا اسمه محمد أرسله الله تعالى إلينا بهذا الدين.
قال أبو محمد : وكذلك من قال : إن ربه جسم من الأجسام فإنه إن كان جاهلا أو متأولا فهو معذور لا شيء عليه ويجب تعليمه ، فإذا قامت عليه الحجة من القرآن والسنن فخالف ما فيها عنادا فهو كافر يحكم عليه بحكم المرتد وأما من قال إن الله عزوجل هو فلان لإنسان بعينه أو أن الله تعالى يحل في جسم من أجسام خلقه أو أن بعد محمد صلىاللهعليهوسلم نبيا غير عيسى ابن مريم فإنه لا يختلف اثنان في تكفيره لصحة قيام الحجّة بكل هذا على كل أحد ولو أمكن أن يوجد أحد يدين بهذا لم يبلغه قط خلافه لما وجب تكفيره حتى تقوم عليه الحجة.
قال أبو محمد : وأما من كفّر الناس بما تؤول إليه أقوالهم فخطأ لأنه كذب على الخصم وتقويل له ما لم يقل به وإن لزمه فلم يحصل على غير التناقض فقط والتناقض ليس كفرا بل قد أحسن إذ قد فر من الكفر. وأيضا فإنه ليس للناس قول إلا ومخالف ذلك القول ملزم خصمه الكفر في فساد قوله وطرقه ، فالمعتزلة تنسب إلينا تجوير الله عزوجل وتشبيهه بخلقه ونحن ننسب إليهم مثل ذلك سواء بسواء ، ويلزمهم أيضا تعجيز الله عزوجل وأنهم يزعمون أنهم يخلقون كخلقه وأن له شركاء في الخلق وأنهم يستغنون عن الله عزوجل ومن أثبت الصفات يسمي من نفاها باقية لأنهم قالوا تعبدون غير الله تعالى لأن الله تعالى له صفات وأنتم تعبدون من لا صفة له ومن نفى