والوجه الثاني : القرابة وأنها من قومه ومن مستجيبيه قال عزوجل : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) [سورة الأعراف آية رقم ٨٥].
فمن عد هذا كذبا مذموما من إبراهيم عليهالسلام فليعده كذلك من ربه عزوجل وهذا كفر مجرد فصح أنه عليهالسلام صادق في قوله في سارة إنها أختي. وأما قوله (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) [سورة الصافّات آية ٨٩] فليس هذا كذبا ولسنا ننكر أن تكون النجوم دلائل على الصحة والمرض وبعض ما يحدث في العالم كدلالة البرق على تغول البحر ، وكدلالة الرعد على تولد الكمأة ، وكتولد المد والجزر على طلوع القمر وغروبه ، وانحداره وارتفاعه ، وامتلائه ونقصه ، وإنما المنكر قول من قال : إن الكواكب هي الفاعلة المدبرة لذلك ، دون الله تعالى ، أو مشتركة معه ، فهذا كفر من قائله ، وأما قوله عليهالسلام : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) [سورة الأنبياء آية رقم ٦٣] فإنما هو تقريع لهم ، وتوبيخ ، كما قال تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) [سورة الدخان آية ٤٩] وهو في الحقيقة مهان ذليل ، مهين معذب في النار ، فكلا القولين توبيخ لمن قيلا له على ظنهم أن الأصنام تفعل الخير والشر ، وعلى ظن المعذب في نفسه في الدنيا أنه عزيز كريم.
ولم يقل إبراهيم عليهالسلام هذا على أنه محقق لأن كبيرهم فعله ، إذ الكذب إنما هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه قصدا إلى تحقيق ذلك.
وأما قوله عليهالسلام إذ رأى الكوكب والشمس والقمر : هذا ربي. فقال قوم إن إبراهيم عليهالسلام قال ذلك محققا أول خروجه من الغار وهذا خرافة موضوعة مكذوبة ظاهرة الافتعال ، ومن المحال الممتنع أن يبلغ أحد حد التمييز والكلام بمثل هذا ، وهو لم ير قط شمسا ولا قمرا ولا كوكبا ، وقد أكذب الله عزوجل هذا الظن الكاذب بقوله الصادق (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ) [سورة الأنبياء آية رقم ٥١].
فمحال أن يكون من آتاه الله رشده من قبل يدخل في عقله أن الكوكب ربه ، أو أن الشمس ربه ، من أجل أنها أكبر قرصا من القمر ، هذا ما لا يظنه إلا مخبول العقل.
__________________
وابن ماجة في النكاح باب ١٠. والدارمي في النكاح باب ٧. ومالك في النكاح حديث ١ و ٢ و ١٢. وأحمد في المسند (٢ / ١٢٢ ، ١٢٤ ، ١٢٦ ، ١٣٠ ، ١٤٢ ، ١٥٣ ، ٢٣٨ ، ٢٧٤ ، ٣١١ ، ٣١٨ ، ٣٩٤ ، ٤١١ ، ٤٢٧ ، ٤٥٧ ، ٤٦٢ ، ٤٦٣ ، ٤٨٧ ، ٤٨٩ ، ٥٥٨ ، ٤ / ١٤٧ ، ٥ / ١١).