عشرة أحاديث ، من بينها حديثان فقط أخرجهما الكليني في اصول الكافي. (١)
وهذا ليس مدعاة للتعجّب ؛ إذ يكاد يكون بمنزلة التصريح منهم قدّست أسرارهم بإيكال أمر الحديث إلى أعلامه وأقطابه ؛ لانشغالهم بأمر عظيم ، وهو تنفيذ أوامر الإمام المهدي عليهالسلام ، وانقطاعهم لهذا الأمر أكثر من أيّ أمر آخر. ويدلّ عليه كتاب الغيبة للشيخ الطوسي الذي ضمّ معظم المروي عن السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم ، وكان جلّه بهذا الخصوص.
ولا ننسى في المقام دور أهل البيت عليهمالسلام في كيفيّة توجيه رواة الحديث إلى الطرق الكفيلة بمعرفة الحديث الصحيح وتمييزه عن غيره بقواعد رصينة سار عليها علماء الشيعة إلى اليوم ، مع تصريحهم عليهمالسلام بكفر الغلاة ولعنهم ، لتجنّب الرواية عنهم ، ومدح الثقات ، والتعريف ـ على نحو المثال ـ ببعضهم ؛ لأخذ الرواية منهم ، ولم يشغلوا أنفسهم عليهمالسلام بمراجعة كتب أصحابهم ، كما لم يطلبوا من المبرّزين منهم مراجعتها ، بعد تمهيد سائر السبل الأمينة لمعرفة السليم ونبذ السقيم.
ويؤيّد هذا ... أنّ سيرة آخر الأئمّة عليهمالسلام إزاء الكتب المؤلّفة في عصورهم الشريفة ، جرت على وفق ما كانت عليه سيرة آبائهم الأطهار عليهمالسلام ، حيث لم نسمع بأنّ أحداً منهم صلوات الله عليهم قد طلب من مؤلّفي الشيعة في ذلك الزمان عرض مؤلّفاته عليه للتأكّد من سلامتها ، أمّا لو اتّفق أن يعرض المؤلّف كتابه أو كتاب غيره على إمام عصره فلا ضير في هذا ، كما حصل لبعضهم.
وإذا علمنا أنّ الظرف السياسي الذي عاشه الإمام المهدي عليهالسلام في غيبته الصغرى ، هو أصعب بكثير ممّا كان عليه آباؤه عليهمالسلام ، اتّضح لنا أنّ عرض المؤلّفات عليه حفظه الله بعينه ورعايته ليس بالأمر الطبيعي ، ولا تقتضيه ظروف المرحلة ، بقدر ما تقتضي بيان دَور الشيعة في غياب مَن لم يعرفه مات ميتة جاهلية. وليس من المعقول جدّاً أن لا يلتفت السفراء الأربعة رضي الله تعالى عنهم إلى مثل هذا حتى يجعلوا من الإمام المهدي أرواحنا فداه مصحّحاً لمؤلّفات الشيعة ، غير آبهين بخطورة تلك المرحلة ، وكيف
__________________
(١) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب في تسمية من رآه عليهالسلام ، ح ٨٦٩ و ٨٧٢.