[١٦] (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) في دينه وتوحيده (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) ما استجاب له الناس ودخلوا فيه (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ) باطلة (عِنْدَ رَبِّهِمْ) وإن كانت وجيهة عند بعض الناس ، فماذا يريدون بعد ذلك ، فهل الإسلام باطل وقد ظهر لديهم كونه حقا ، أو هل الإسلام لا ناصر له والإنسان يتجنب الالتفاف حول الذي لا ناصر له لأنه يكون موجبا للتشهير بين الناس ، وقد استجيب للدين ودخل فيه الناس (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) من الله (وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) في الآخرة.
[١٧] (اللهُ) هو (الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ) القرآن (بِالْحَقِ) فلم يكن الإنزال بالباطل (وَالْمِيزانَ) بأن قرر آلة الوزن ، فالكتاب للنظام والسعادة ، والميزان للتطبيق والعدالة (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ) القيامة (قَرِيبٌ) مجيئها فيخسر المبطلون.
[١٨] (يَسْتَعْجِلُ بِهَا) يطلب أن تعجل الساعة (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) استهزاء (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ) خائفون (مِنْها) لما يعلمون من أهوالها (وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) فتجيء قطعا (أَلا) للتنبيه (إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ) يشككون ويجادلون (فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ) انحراف عن الحق (بَعِيدٍ) عن الواقع.
[١٩] (اللهُ لَطِيفٌ) بار (بِعِبادِهِ) كلهم (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) بما يشاء حيث تقتضي المصالح (وَهُوَ الْقَوِيُ) فيما يريد (الْعَزِيزُ) الذي لا يغالب.
[٢٠] (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ) ثوابها (١) الذي هو نتيجة زرعه الأعمال الصالحة في الدنيا (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) لأنا نعطيه بدل الواحد عشرة (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) بعض الدنيا (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) إذ لم يحرث للآخرة.
[٢١] (أَمْ) بل (لَهُمْ) للمشركين (شُرَكاءُ) الأصنام التي جعلوها شريكة لله (شَرَعُوا) وضعوا وقننوا (لَهُمْ مِنَ الدِّينِ) الطريقة في العمل والعقيدة (ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) إذ لم يأذن الله إلا بطريقة الإسلام (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) الوعد بتأخير الفصل والقضاء إلى يوم القيامة (لَقُضِيَ) حكم (بَيْنَهُمْ) بين المشركين والمؤمنين بإهلاك المشركين (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ) أنفسهم بالشرك والعصيان (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم في الآخرة.
[٢٢] (تَرَى الظَّالِمِينَ) في الآخرة (مُشْفِقِينَ) خائفين (مِمَّا كَسَبُوا) من الكفر والمعاصي في الدنيا (وَهُوَ) وبال ما عملوا (واقِعٌ بِهِمْ) لا محالة أشفقوا أم لا (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) متنزهاتها (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) يريدون (عِنْدَ رَبِّهِمْ) في الآخرة (ذلِكَ) الثواب (هُوَ الْفَضْلُ) الزيادة من الله لهم (الْكَبِيرُ).
__________________
(١) أي ثواب الآخرة ، والحرث : الزرع ، انظر لسان العرب : ج ٢ ص ١٣٤.