وأمّا احتمال فسقه بهذا الخبر للكذب به فهو غير قادح ، لأنّ ظاهر قوله : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) ، تحقّق الفسق قبل النبأ ، لا به ، فالمفهوم يدلّ على قبول خبر من ليس فاسقا
______________________________________________________
وعلى أي حال : فغير المعصوم ومن حذا حذوه ، أيضا داخل في مفهوم الآية ، لأنّه يوجد من ليس بفاسق ، ولم يكن معصوما ولا حاذيا حذو المعصوم.
فالتائب من الفسق سواء قلنا : بأنّ الفاسق عبارة عن مرتكب الكبائر دون الصغائر ، أو قلنا : بأنه مطلق الخارج عن الطاعة سواء كان قد ارتكب الكبيرة أو الصغيرة ، أو قلنا : بأن كل فاعل للعصيان مرتكب للكبيرة ، لأنّ كل ذنب كبيرة ، فانه على أي التقادير الثلاثة ، لا يتم الاشكال المذكور.
(و) ان قلت : الانسان الذي ليس بفاسق ، كالتائب عن الكبائر والصغائر لا يمكن أن يؤخذ بخبره لعدم إحراز عدالته الآن ، وذلك لاحتمال انّه قد فسق بسبب كذبه بهذا الخبر الذي جاء به.
قلت (أمّا احتمال فسقه بهذا الخبر للكذب به) أي : لأنّه كذب بهذا الخبر ، وان لم يكن قبل إخباره بهذا الخبر فاسقا ، لأنه تاب عن الصغائر والكبائر فرضا (فهو غير قادح) في الأخذ بخبره.
(لأنّ ظاهر قوله : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) (١) تحقّق الفسق قبل النبأ ، لا به) أي :
لا بسبب هذا النبأ ، فاذا قلنا : النبأ جاء به الفاسق ، كان ظاهره : تحقق الموضوع وهو : الفسق قبل كونه منبئا ومخبرا ، فاذا اريد من الفسق ، تحققه بنفس هذا الخبر كان خلاف الظاهر.
إذن : (فالمفهوم) للآية المباركة (يدلّ على قبول خبر من ليس فاسقا) لأنّه
__________________
(١) ـ سورة الحجرات : الآية ٦.