ثمّ جاء آخر فقال : قد عبروا الجسر ، فقال لي : يا يزيد اقطع لي خمسة آلاف خشبة أو قصبة ، ثمّ ركب بغلة النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأتاهم فقاتلهم وأنا بين يديه.
فلمّا فرغ من قتالهم ، جعل لا يمرّ على قتيل إلّا قال لي : ضع عليه قصبة أو خشبة ، ثمّ جعل كأنّه يطلب شيئا لا يجده ، فرأيت وجهه يتربّد ويقول : والله ما كذبت ولا كذبت ، حتّى انتهى إلى موضع دالية فيه ماء مستنقع ، فإذا فيه رجل ، فأخذ هو برجل وأخذت برجل فأخرجناه ، فإذا رجل في عضده شعرات إذا مدّت امتدّت ، وإذا تركت قلصت ، قال: الله أكبر ، الله أكبر ، والله ما كذبت ولا كذبت ، فرجع وجهه إلى ما كان قبل ذلك(١).
٨٧ ـ أخبرنا القاضي أبو الخطّاب عبد الرحمن بن عبد الله الإسكافيّ الشّافعيّ ـ رحمهالله قدم علينا واسطا ـ حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى قال : حدّثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحامليّ ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيد ، حدّثنا زيد بن الحباب ، حدّثني موسى بن عبيدة ، حدّثني يحيى بن الشّبل عن جدّه عبد الله بن جبير ـ وكان من كتّاب عليّ عليهالسلام ـ قال : دخل علينا الخوارج فقالوا : اشفعوا لنا إلى عليّ يذرنا نقاتل معاوية ، قال : فذكرنا لعليّ عليهالسلام فقال : ما كذبت ولا كذبت ، لأجاهدنّهم ، قال : فحكّموا ، فقال : كلمة حقّ يراد بها الباطل ، فقاتلهم فقتلهم وهزمهم ، فقال : التمسوا لي المخدج! فوجد قتيلا ؛ فقال عليّ عليهالسلام : من يعرف هذا؟ فقال رجل : أنا أعرفه ، قال : بم تعرفه؟ قال : خرجت في ظهر لي أريد العراق فمررت بعنقاء وهو مدلّي رجليه فقال : يا عبد الله ما أنت مبلّغي إلى العراق؟ فقلت : نعم ، قال : فبلّغته. قال : صدقت (٢).
__________________
(١) أخرجه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على النهج ١ / ٢٠٥ قال : روى العوام بن حوشب عن أبيه ، عن جده يزيد بن رويم .. وقد مر في ص ٩٩ منها.
(٢) أخرج المتقي الهندي في كنز العمال ١١ / ٢٧٢ في حديث عن قيس بن عباد وفيه : فقال علي : من يعرف هذا؟ فلم يعرف ، فقال رجل : أنا رأيت هذا بالنجف فقال : إني أريد هذا المصر ، وليس لي فيه ذو نسب ولا معرفة ، فقال علي : صدقت هو رجل من الجن.
وأخرج الحاكم ابن البيع في مستدركه على الصحيحين ٤ / ٥٣١ في حديث عن عباد بن نسيب وفيه : فجعل الناس يقولون : هذا ملك هذا ملك ، ويقول علي : ابن من؟ يقولون : لا ندري ـ