قوله عليهالسلام : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى :
٤٠ ـ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعيّ بقراءتي عليه ، فأقرّ به سنة أربع وأربعين وأربعمائة ، قلت له : أخبركم أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان المزنيّ الملقّب بابن السّقاء الحافظ (١) قال : حدّثنا أبو يعلى أحمد بن عليّ بن المثنّى الموصليّ قال : حدّثنا سعيد بن مطرّف الباهليّ قال : حدّثنا يوسف بن يعقوب ـ يعني الماجشون ـ عن ابن المنكدر ، عن سعيد بن المسيّب ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه أنّه قال : سمعت النبيّ (صلىاللهعليهوسلم) يقول لعليّ عليهالسلام : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي (٢). فأحببت أن أشافه بذلك سعدا ، فلقيته فذكرت له
__________________
ـ كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ).
فالآية تنص بأن رسول الله أولى بكل مؤمن من نفسه ، وأن أزواجه بحكم الأمهات لا يجوز نكاحهن ولا هتكهن ، وأن أولى أرحامه فيهم من هو أولى بهم من سائر المؤمنين والمهاجرين. فعلى هذا لا يجوز لأحد من المؤمنين والمهاجرين أن يتقدم على أرحام الرسول ، ولا أن يتأمر ويتولى عليهم ، وأما هم فمطلق يجوز ويصلح لهم الإمرة على كل أحد مهاجرهم وأنصارهم وتابعيهم بنص الآية الكريمة ، كما بين ذلك علي عليهالسلام بقوله : «إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم» راجع شرح ذلك في ص ٣٠٨ من هذا الكتاب.
وإذ لا بد للأمة من بعد الرسول من قيّم يجمع شملهم ، ويقوم مقام النبي الذي كان أولى بجميعهم من أنفسهم ، فلا يكون ذلك إلّا من أهل بيته ، وعلى الرسول أن يعرفه للأمة كما فعل في غدير خم ؛ وصدر كلامه بقوله : «ألست أولى بكم من أنفسكم» ثم وصاهم بأهل بيته «أن يقدموهم ولا يتقدموا عليهم» ثم أخذ بضبع علي وهو وزيره وخليفته في أهله ومن هو منه بمنزلة هارون من موسى فقال : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه».
فالأمر الصريح المفروض من الله عزوجل في هذه الآية أن لا يتأمر على أهل بيت الرسول أحد من الأمة ، والأمر المنصوص من الرسول بإشارة من الله عزوجل في كتابه أن وليّهم وقيّمهم من بعده علي بن أبي طالب لا غيره.
فعلى هذا المتأمر على أهل بيت الرسول المنازع لهم في الإمارة منكر للضروري المفروض من القرآن ، وأما من اتخذ من دونهم أولياء جهلا فلا يحكم عليه إلّا بالفسق أو الضلال.
(١) أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن عثمان بن المختار المزني الواسطي المعروف بابن السقاء المتوفى ٣٧٣ ، راجع اللباب ٢ / ١٢١ ، شذرات الذهب ٣ / ٨١ المنتظم ٧ / ١٢٣ يروي عنه أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد بن مزداد الواسطي العطار كما في الشذرات ٣ / ١٦٦ ترى ترجمته في تذكرة الحفاظ ٩٧٥ مفصلا.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ١٨٧٠ ط محمّد فؤاد وسيأتي بالرقم ٥٠ أيضا وفي الباب اختلاف ـ