ما أدري ما يقول ، إلا أني أرى يحرك شفتيه يتكلم بشيء ، وما يقول إلا أساطير الأولين ، مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية. وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأول ، وكان يحدث قريشا فيستملحون حديثه. فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
الآية : ٢٦ ـ قوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ).
قال مقاتل : وذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان عند أبي طالب يدعوه إلى الإسلام ، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يردون سؤال النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال أبو طالب :
والله لا وصلوا إليك بجمعهم |
|
حتّى أوسّد في التّراب دفينا |
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة |
|
وأبشر وقرّ بذاك منك عيونا |
وعرضت دينا لا محالة أنّه |
|
من خير أديان البريّة دينا |
لو لا الملامة أو حذاري سبّة |
|
لوجدتني سمحا بذاك مبينا |
فأنزل الله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) الآية (٢).
وقال محمد بن الحنفية والسدي والضحاك : نزلت في كفار مكة ، كانوا ينهون الناس عن اتباع محمد صلىاللهعليهوسلم ، ويتباعدون بأنفسهم عنه (٣).
الآية : ٣٣ ـ قوله تعالى : (إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ).
قال السدي : التقى الأخنس بن شريق وأبو جهل بن هشام ، فقال الأخنس لأبي جهل : يا أبا الحكم ، أخبرني عن محمد ، أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا من يسمع كلامك غيري. فقال أبو جهل : والله إن محمدا لصادق ، وما كذب محمد قط ، ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والندوة والنبوة ، فما ذا يكون لسائر قريش؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (٤).
وقال أبو ميسرة : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرّ بأبي جهل وأصحابه ، فقالوا : يا محمد ،
__________________
(١) تفسير ابن الجوزي / زاد المسير ، ج ٣ / ١٨ ، والنيسابوري ١٨١.
(٢) النيسابوري ١٨١ ، والسيوطي ، ١١٥ ـ ١١٦ ، وزاد المسير ، ج ٣ / ٢١.
(٣) تفسير الطبري ، ج ٧ / ١١٠.
(٤) النيسابوري ١٨٢ ، والسيوطي ١١٦ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ١٣٠.