فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ، ولندعه وإلهه. فدعاه فجاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له أبو طالب : هؤلاء قومك وبنو عمك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما ذا يريدون». فقالوا : نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك. فقال أبو طالب : قد أنصفك قومك ، فاقبل منهم ، فقال رسول الله عليهالسلام : «أرأيتم إن أعطيتكم هذا ، هل أنتم معطيّ كلمة ، إن تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم» (١). قال أبو جهل : نعم ـ وأبيك ـ لنعطينكها وعشر أمثالها ، فما هي؟ قال : «قولوا : لا إله إلا الله». فأبوا واشمأزوا. فقال أبو طالب : قل غيرها يا ابن أخي ، فإن قومك قد فزعوا منها. فقال : «يا عم ، ما أنا بالذي أقول غيرها ، ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها». فقالوا : لتكفن عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنك ونشتم من يأمرك. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
الآيات : ١٠٩ ـ ١١١ ـ قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها) إلى قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) (١١١) (٣).
عن أحمد بن عبد الجبار قال : حدثنا يونس بن بكير ، عن أبي معشر ، عن محمد بن كعب قال : كلمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قريش فقالوا : يا محمد ، تخبرنا أن موسى عليهالسلام كانت معه عصا ، ضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وأن عيسى عليهالسلام كان يحيي الموتى ، وأن ثمود كانت لهم ناقة ، فائتنا ببعض تلك الآيات حتى نصدقك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أي شيء تحبون أن آتيكم به؟» فقالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا. قال : «فإن فعلت تصدقوني؟» قالوا : نعم والله ، لئن فعلت لنتبعنك أجمعين. فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعو ، فجاء جبريل عليهالسلام وقال : إن شئت أصبح الصفا ذهبا ، ولكني لم أرسل آية فلم يصدق بها إلا أنزلت العذاب ، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتركهم حتى يتوب تائبهم». فأنزل الله
__________________
(١) دانت : انقادت وخضعت. العجم : كل من عدا العرب من الشعوب.
(٢) تفسير الطبري ، ج ٧ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٢ / ١٦٤.
(٣) النيسابوري ، ١٨٧ ـ ١٨٨ ، والسيوطي ، ١٢٠ ـ ١٢١.