ثم أنزل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين قوله تعالى : (لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً) [سورة التوبة ، الآية : ٤٢]. وقوله تعالى : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) [سورة التوبة ، الآية : ٤٧]. وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما خرج ضرب عسكره على ثنية الوداع ، وضرب عبد الله بن أبيّ عسكره على ذي حدة ، أسفل من ثنية الوداع ، ولم يكن بأقل العسكرين ، فلما سار رسول الله صلىاللهعليهوسلم تخلف عنه عبد الله بن أبيّ بمن تخلف من المنافقين وأهل الريب ، فأنزل الله تعالى يعزي نبيه : (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالاً) الآية (١).
الآية : ٤٣ ـ قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) (٤٣).
قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ) الآية. أخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون الأزدي قال : اثنتان فعلهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يؤمر فيهما بشيء : إذنه للمنافقين ، وأخذه الفداء من الأسارى ، فأنزل الله : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) (٢).
الآية : ٤٩ ـ قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٤٩).
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي) الآية. أخرج الطبراني وأبو نعيم وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أراد النبي صلىاللهعليهوسلم أن يخرج إلى غزوة تبوك قال للجد بن قيس : «يا جد بن قيس ، ما تقول في مجاهدة بني الأصفر؟» ، فقال : يا رسول الله ، إني امرؤ صاحب نساء ومتى أرى نساء بني الأصفر أفتتن فأذن لي ولا تفتني ، فأنزل الله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي) الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من حديث جابر بن عبد الله مثله.
وأخرج الطبراني من وجه آخر عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اغزوا تغنموا
__________________
(١) النيسابوري ٢٠٨ ، والسيوطي ١٤٠ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٢ / ٣٥٩.
(٢) زاد المسير ، ج ٣ / ٤٤٤.