عليه سلاحه فخرج وهو يقول : واللات لئن أصحر محمد إليّ وصاحبه ـ يعني ملك الموت ـ لأنفذنهما برمحي. فلما رأى الله تعالى منه أرسل ملكا فلطمه بجناحيه ، فأذراه في التراب ، وخرجت على ركبته غدة في الوقت كغدة البعير ، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول : غدة كغدة البعير ، وموت في بيت السلولية؟ ثم مات على ظهر فرسه ، وأنزل الله تعالى فيه هذه القصة : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) حتى بلغ : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) (١٤) [سورة الرعد ، الآيات : ١٠ ـ ١٤] (١).
الآية : ٣٠ ـ قوله تعالى : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ).
قال أهل التفسير : نزلت في صلح الحديبية ، حين أرادوا كتاب الصلح ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم». فقال سهيل بن عمرو والمشركون : ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة ـ يعنون مسيلمة الكذاب ـ اكتب باسمك اللهم. وهكذا كانت الجاهلية يكتبون ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (٢).
وقال ابن عباس في رواية الضحاك : نزلت في كفار قريش ، حين قال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم : «اسجدوا للرحمن». قالوا : وما الرحمن ، أنسجد لما تأمرنا؟ الآية (٣) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقال : قل لهم إن الرحمن الذي أنكرتم معرفته هو ربي لا إله إلا هو (٤).
الآية : ٣١ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ).
عن عبد الله بن عطاء ، عن جدته أم عطاء مولاة الزبير ، قالت : سمعت الزبير بن العوام يقول : قالت قريش للنبي صلىاللهعليهوسلم : تزعم أنك نبي يوحى إليك ، وأن سليمان سخر له الريح ، وأن موسى سخر له البحر ، وأن عيسى كان يحيي الموتى ، فادع الله تعالى أن يسير عنا هذه الجبال ، ويفجر لنا الأرض أنهارا ، فنتخذها محارث ومزارع ونأكل ، وإلا
__________________
(١) رواه النيسابوري في أسباب النزول بدون سند ٢٣٠.
(٢) تفسير الطبري ، ج ١٣ / ١٠١.
(٣) هي قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) ، الآية ٦٠ من سورة الفرقان. النيسابوري ٢٣٠ ، والسيوطي ١٥٨.
(٤) زاد المسير ، ج ٤ / ٣٢٩.