إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، وقال : وقد أخبرتك أنه أعتى من ذلك ، فقال لي كذا وكذا. فقال : «ارجع إليه الثانية فادعه». فرجع إليه فأعاد عليه مثل الكلام الأول ، فرجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال : «ارجع إليه». فرجع الثالثة فأعاد عليه ذلك الكلام ، فبينا هو يكلمني إذ بعثت إليه سحابة حيال رأسه ، فرعدت فوقعت منها صاعقة ، فذهبت بقحف رأسه ، فأنزل الله تعالى : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣) (١).
وقال ابن عباس ، في رواية أبي صالح وابن جريج وابن زيد (٢) : نزلت هذه الآية والتي قبلها في عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة ، وذلك أنهما أقبلا يريدان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك. فقال : «دعه ، فإن يرد الله به خيرا يهده». فأقبل حتى قام عليه ، فقال : يا محمد ، ما لي إن أسلمت؟ قال : «لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم». قال : تجعل لي الأمر بعدك؟ قال : «لا ، ليس ذلك إليّ ، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء». قال : فتجعلني على الوبر وأنت على المدر؟ قال : «لا». قال : فما ذا تجعل لي؟ قال : «أجعل لك أعنة الخيل ، تغزو عليها». قال : أو ليس ذلك إليّ اليوم؟ وكان أوصى أربد بن ربيعة : إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه واضربه بالسيف ، فجعل يخاصم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويراجعه ، فدار أربد خلف النبي صلىاللهعليهوسلم ليضربه ، فاخترط من سيفه شبرا ثم حبسه الله تعالى ، فلم يقدر على سله ، وجعل عامر يومئ إليه ، فالتفت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرأى أربد وما يصنع بسيفه ، فقال : «اللهم اكفنيهما بما شئت». فأرسل الله تعالى على أربد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته ، وولى عامر هاربا وقال : يا محمد ، دعوت ربك فقتل أربد ، والله لأملأنها عليك خيلا جردا وفتيانا مردا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يمنعك الله تعالى من ذلك ، وابنا قيلة» يريد الأوس والخزرج ، فنزل عامر بيت امرأة سلولية ، فلما أصبح ضم
__________________
(١) النيسابوري ، ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، والسيوطي ، ١٥٧ ـ ١٥٨ ، وتفسير الطبري ، ج ١٣ / ٨٤ ، ومعجم الطبراني الأوسط برقم ٢٦٢٣ ، ومسند أبي يعلى برقم ٣٣٤١ ، وله طرق أخرى عند البزار ـ كشف الأستار برقم ٢٢٢١ ، ودلائل النبوة للبيهقي ، ج ٦ / ٢٨٣ ، والسنّة لابن أبي عاصم برقم ٦٩٢.
(٢) النيسابوري ٢٢٩.