فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم. قال : «لا ، بل أستأني بهم». فأنزل الله عزوجل : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ) (١).
وروينا قول الزبير بن العوام في سبب نزول هذه الآية عند قوله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [سورة الرعد ، الآية : ٣١] (٢).
الآية : ٦٠ ـ قوله تعالى : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ).
لما ذكر الله تعالى الزقوم خوّف به هذا الحي من قريش ، فقال أبو جهل : هل تدرون ما هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد عليهالسلام؟ قالوا لا ، قال : الثريد بالزبد ، أما والله لئن أمكننا منها لنتزقمنها تزقما. فأنزل الله تبارك وتعالى : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) يقول : المذمومة (وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً) (٦٠) (٣).
الآية : ٧٣ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ).
قال عطاء ، عن ابن عباس : نزلت في وفد ثقيف ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألوا شططا ، وقالوا : متعنا باللات سنة ، وحرّم وادينا كما حرمت مكة : شجرها وطيرها ووحشها. فأبى ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يجبهم ، فأقبلوا يكثرون مسألتهم ، وقالوا : إنا نحب أن تعرف العرب فضلنا عليهم ، فإن كرهت ما نقول ، وخشيت أن تقول العرب : أعطيتهم ما لم تعطنا ، فقل : الله أمرني بذلك. فأمسك رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنهم ، وداخلهم الطمع ، فصاح عليهم عمر : أما ترون رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمسك عن جوابكم كراهية لما تجيئون به ، وقد همّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يعطيهم ذلك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٤).
وقال سعيد بن جبير : قال المشركون للنبي صلىاللهعليهوسلم : لا نكف عنك إلا بأن تلم بآلهتنا ولو بطرف أصابعك. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما عليّ لو فعلت ، والله يعلم أني بار؟». فأنزل
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ١٥ / ٧٤ ، ومسند أحمد ، ج ١ / ٢٥٨ ، وصححه أحمد شاكر.
(٢) انظر سبب نزول الآية ٣١ من سورة الرعد. النيسابوري ٢٤٣.
(٣) النيسابوري ٢٤٤ ، وزاد المسير ، ج ٥ / ٥٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٤٨ ـ ٤٩.
(٤) النيسابوري ٢٤٥ ، وزاد المسير ، ج ٥ / ٦٧ ، وتفسير الطبري ، ج ١٥ / ١٣٠ ، وسنده ضعيف.