عن وكيع قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن خباب قال : كنت رجلا قينا ، وكان لي على العاص بن وائل دين ، فأتيته أتقاضاه (١) فقال : لا أقضيك حتى تكفر بمحمد ـ عليهالسلام ـ فقلت : لا أكفر حتى تموت وتبعث ، فقال : وإني لمبعوث بعد الموت؟ فسوف أقضيك إذا رجعت إليّ مالي. قال : فنزلت فيه : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) (٧٧) (٢).
وقال الكلبي ومقاتل : كان خباب بن الأرت قينا ، وكان يعمل للعاص بن وائل السهمي ، وكان العاص يؤخر حقه ، فأتاه يتقاضاه ، فقال العاص : ما عندي اليوم ما أقضيك ، فقال : لست بمفارقك حتى تقضيني ، فقال العاص : يا خباب ، ما لك ، ما كنت هكذا ، وإن كنت تحسن الطلب؟ فقال خباب : ذاك أني كنت على دينك ، فأما اليوم فأنا على الإسلام ، مفارق لدينك. قال : أولستم تزعمون أن في الجنة ذهبا وفضة وحريرا؟ قال خباب : بلى ، قال : فأخرني حتى أقضيك في الجنة ـ استهزاء ـ فو الله لئن كان ما تقول حقا إني لأفضل فيها نصيبا منك. فأنزل الله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا) يعني العاص (٣) الآيات.
الآية : ٩٦ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٩٦).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) الآية. أخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر إلى المدينة وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم : شيبة وعتبة ابني ربيعة وأمية بن خلف ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٩٦) قال : محبة في قلوب المؤمنين (٤).
__________________
(١) قينا : حدادا. أتقاضاه : أطلب منه أن يقضيني ديني.
(٢) رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : البخاري : التفسير / مريم ، باب : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا ..) ، رقم : ٤٤٥٥ ، ومسلم : صفات المنافقين وأحكامهم ، باب : سؤال اليهود النبي صلىاللهعليهوسلم عن الروح ، رقم : ٢٧٩٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ١٣٥.
(٣) النيسابوري ، ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، وزاد المسير ، ج ٥ / ٢٦٠.
(٤) تفسير الطبري ، ج ١٦ / ١٠١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١١ / ١٦١.