دخلت في ديني هذا إلا خيرا. وإن أصابه وجع المدينة ، وولدت امرأته جارية ، وأجهضت رماكه وذهب ماله ، وتأخرت عنه الصدقة ، أتاه الشيطان فقال : والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا ، فينقلب عن دينه. فأنزل الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) الآية (١).
وروى عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : أسلم رجل من اليهود ، فذهب بصره وماله وولده ، وتشاءم بالإسلام فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : أقلني. فقال : «إن الإسلام لا يقال». فقال : إني لم أصب في ديني هذا خيرا ، أذهب بصري ومالي وولدي. فقال : «يا يهودي ، إن الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والفضة والذهب». قال : ونزلت : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) (٢).
الآية : ١٩ ـ قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) (١٩).
قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ) الآية. أخرج الشيخان وغيرهما عن أبي ذر قال : نزلت هذه الآية : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) في حمزة وعبيدة وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة.
وأخرج الحاكم عن علي قال : فينا نزلت هذه الآية في مبارزتنا يوم بدر (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) إلى قوله : (الْحَرِيقِ) (٢٢) [سورة الحج ، الآية : ٢٢]. وأخرج من وجه آخر عنه قال : نزلت في الذين بارزوا يوم بدر : حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس أنها نزلت في أهل الكتاب قالوا للمؤمنين : نحن أولى بالله منكم وأقدم كتابا ونبينا قبل نبيكم ، فقال المؤمنون : نحن أحق بالله آمنا بمحمد ونبيكم وبما أنزل الله من كتاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة مثله (٣).
__________________
(١) النيسابوري ١٥٧ ، وصحيح البخاري في كتاب التفسير برقم ٤٧٤٢.
(٢) رواه البخاري في صحيحه برقم ٤٧٤٣ ، ومسلم في صحيحه برقم ٣٠٣٣ ، وفي سنده عطية بن سعد العوفي مجمع على ضعفه ، فلا تثبت هذه الرواية.
(٣) السيوطي ١٨٦ ، والدر المنثور ، ج ٤ / ٣٤٨ ، والطبري في تفسيره ، ج ١٧ / ١٣٢.