المشركون رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالفاقة وقالوا : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق؟ حزن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزل : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) الآية.
وأخرج ابن جرير نحوه من طريق سعيد وعكرمة عن ابن عباس (١).
الآية : ٢٧ ـ قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ).
قال ابن عباس في رواية عطاء الخراساني : كان أبيّ بن خلف يحضر النبي صلىاللهعليهوسلم ويجالسه ويستمع إلى كلامه من غير أن يؤمن به ، فزجره عقبة ابن أبي معيط عن ذلك ، فنزلت هذه الآية (٢).
وقال الشعبي : وكان عقبة خليلا لأمية بن خلف ، فأسلم عقبة ، فقال أمية : وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدا عليهالسلام. وكفر وارتد لرضا أمية ، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية (٣).
وقال آخرون : إن أبيّ بن خلف وعقبة بن أبي معيط كانا متحالفين ، وكان عقبة لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا إليه أشراف قومه ، وكان يكثر مجالسة النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاما ، فدعا الناس ودعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى طعامه ، فلما قرب الطعام قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله». فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فأكل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من طعامه ، وكان أبيّ بن خلف غائبا ، فلما أخبر بقصته قال : صبأت يا عقبة ، فقال : والله ما صبأت ، ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له ، فاستحيت أن يخرج من بيتي ولم يطعم ، فشهدت فطعم. فقال أبيّ : ما أنا بالذي رضي منك أبدا إلا أن تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ عنقه. ففعل ذلك عقبة ، فأخذ رحم دابة فألقاها بين كتفيه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت
__________________
(١) السيوطي ، ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، وفي إسناد الرواية الأولى جويبر ، وهو متروك ، والرواية الثانية عند الطبري في تفسيره ، ج ١٨ / ١٤٥.
(٢) تفسير الطبري ، ج ١٩ / ٦ ، وزاد المسير ، ج ٦ / ٨٥ ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٦٨.
(٣) تفسير القرطبي ، ج ١٣ / ٢٥.