مثله؟ قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسي ، فأخرجوه ، فقالوا : هذا سحر سليمان ، سحر به الأمم. فأنزل الله عذر سليمان : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) (١).
قال السري : إن الناس في زمن سليمان كتبوا السحر ، فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب فدفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذلك ، ولما مات سليمان وذهب به كانوا يعرفون دفن الكتب ، فتمثل شيطان على صورة إنسان ، فأتى نفرا من بني إسرائيل وقال : هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا؟ قالوا : نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي ، فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان ضبط الجن والإنس والشياطين والطيور بهذا ، فأخذ بنو إسرائيل تلك الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود. فبرأ الله عزوجل سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية (٢).
الآية : ١٠٤ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا).
قال ابن عباس في رواية عطاء : وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها ، فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلىاللهعليهوسلم أعجبهم ذلك ، وكان (راعنا) في كلام اليهود سبا قبيحا ، فقالوا : إنا كنا نسب محمدا سرا ، فالآن أعلنوا السب لمحمد ، فإنه من كلامه. فكانوا يأتون نبي الله صلىاللهعليهوسلم فيقولون : يا محمد ، راعنا. ويضحكون ، ففطن بها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة ، وكان عارفا بلغة اليهود ، وقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله ، والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه. فقالوا : ألستم تقولونها؟ فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا) (٣).
الآية : ١٠٥ ـ قوله تعالى : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ).
قال المفسرون : إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود : آمنوا
__________________
(١) النيسابوري ٢٧ ، والسيوطي ، ١٢ ـ ١٣ ، ورواه الحاكم في المستدرك ، ج ٢ / ٢٦٥ ، وصححه وأقرّه الذهبي.
(٢) تفسير الطبري ج ١ / ٣٥٣.
(٣) تفسير الطبري ج ١ / ٣٧٤.