يحيى بن معين قال : أخبرنا عباد بن عباد ، عن عاصم الأحول ، عن معاذة ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد ما نزلت : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منّا ، قالت معاذة : ما كنت تقولين؟ قالت : كنت أقول : إن كان ذلك إليّ لم أؤثر أحدا على نفسي (١).
وقال قوم : لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقن ، فقلن : يا نبي الله ، اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ، ودعنا على حالنا ، فنزلت هذه الآية (٢).
وعن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة أنها كانت تقول لنساء النبي صلىاللهعليهوسلم : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ). فقالت عائشة : أرى ربك يسارع لك في هواك (٣).
الآية : ٥٣ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) إلى قوله : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً).
قال أكثر المفسرين : لما بنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بزينب بنت جحش أولم عليها بتمر وسويق ، وذبح شاة. قال أنس : وبعثت إليه أمي أم سليم بحيس في تور من حجارة ، فأمرني النبي صلىاللهعليهوسلم أن أدعو أصحابه إلى الطعام ، فجعل القوم يجيئون فيأكلون فيخرجون ، ثم يجيء القوم ويأكلون ويخرجون ، فقلت : يا نبي الله ، قد دعوت حتى ما أجد أحدا أدعوه. فقال : «ارفعوا طعامكم». فرفعوا وخرج القوم ، وبقي ثلاثة أنفار يتحدثون في البيت (٤) ، فأطالوا المكث ، فتأذى منهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان شديد الحياء ، فنزلت هذه الآية ، وضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيني وبينه سترا (٥).
__________________
(١) النيسابوري ٢٩٧ ، وصحيح البخاري في كتاب التفسير برقم ٤٧٨٩ ، ومسلم في صحيحه برقم ١٤٧٦.
(٢) الدر المنثور ، ج ٥ / ٢١٠.
(٣) البخاري : التفسير / الأحزاب ، باب : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ ..) ، رقم : ٤٥١٠ ، ومسلم : الرضاع ، باب : جواز هبتها نوبتها لضرتها ، رقم : ١٤٦٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٥٠١ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٤ / ٢٠٨. قولها : يسارع لك في هواك : يحقق لك مرادك بلا تأخير.
(٤) بحيس : طعام متخذ من التمر والسمن والأقط. تور : إناء من نحاس أو حجارة. أنفار : أشخاص.
(٥) تفسير ابن كثير ، ج ٣ / ٥٠٤ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٤ / ٢٢٤.