وعن عمر أنه قال : لما اجتمعنا إلى الهجرة انبعثت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل ، فقلنا : الميعاد بيننا المناصف ميقات بني غفار ، فمن حبس منكم لراياتها فقد حبس ، فليمض صاحبه. فأصبحت عندها أنا وعياش وحبس عنّا هشام ، وفتن وافتتن ، فقدمنا المدينة. فكنا نقول : ما الله بقابل من هؤلاء توبة ، قوم عرفوا الله ورسوله ، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا. فأنزل الله تعالى : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) إلى قوله : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (٦٠) [سورة الزمر ، الآية : ٦٠] قال عمر : فكتبتها بيدي ، ثم بعثت بها ، فقال هشام : فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى ، فقلت : اللهم فهمنيها ، فعرفت أنها أنزلت فينا ، فرجعت فجلست على بعيري ، فلحقت رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١).
الآية : ٦٤ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) (٦٤).
قوله تعالى : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) الآية. سيأتي سبب نزولها في سورة الكافرون.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الحسن البصري قال : قال المشركون للنبي صلىاللهعليهوسلم : أتضلل آباءك وأجدادك يا محمد؟ فأنزل الله : (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) إلى قوله : (مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٦٦) [سورة الزمر ، الآية : ٦٦] (٢).
الآية : ٦٧ ـ قوله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٧).
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال : مرّ يهودي بالنبي صلىاللهعليهوسلم فقال : كيف تقول يا أبا القاسم ، إذا وضع الله السموات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه ، فأنزل الله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) الآية. والحديث في الصحيح بلفظ «فتلا» دون «فأنزل» (٣).
__________________
ـ رقم : ١٢٢ ، وانظر تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٥٩ ـ ٦٠.
(١) النيسابوري ٣٠٨ ، والسنن الكبرى للبيهقي ، ج ٩ / ١٣ ـ ١٤.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٦١.
(٣) سنن الترمذي برقم ٣٢٤٠ ، وصحيح البخاري برقم ٧٤١٥ و ٧٤٥١.