السرايا قتل أو موت أو مصيبة أو هزيمة ، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم ، فلما طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك ، وعادوا إلى مناجاتهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
قوله تعالى : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) الآية. عن قتيبة بن سعيد قال : أخبرنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : جاء ناس من اليهود إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم. فقلت : السام عليكم ، وفعل الله بكم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مه يا عائشة ، فإن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التفحش». فقلت : يا رسول الله ، ألست أدري ما يقولون؟ قال : «ألست ترين أردّ عليهم ما يقولون؟ أقول : وعليكم». ونزلت هذه الآية في ذلك : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) [والسامّ : الموت] (٢).
عن زهير بن محمد قال : أخبرنا يونس بن محمد قال : أخبرنا شيبان عن قتادة ، عن أنس : أن يهوديا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : السام عليك. فرد القوم ، فقال نبي الله صلىاللهعليهوسلم : «هل تدرون ما قال؟» ، قالوا : الله ورسوله أعلم يا نبي الله. قال : «لا ، ولكن قال كذا وكذا ، ردوه عليّ». فردوه عليه ، فقال : «قلت : السام عليكم» ، قال : نعم. فقال نبي الله صلىاللهعليهوسلم عند ذلك : «إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا : عليك» ، أي : عليك ما قلت ، ونزل قوله تعالى : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) (٣).
الآية : ١١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ).
قال مقاتل : كان النبي صلىاللهعليهوسلم في الصفة وفي المكان ضيق ، وذلك يوم الجمعة ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس من أهل بدر
__________________
(١) النيسابوري ٣٣٨ ، وزاد المسير لابن الجوزي ، ج ٨ / ١٨٨ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٧ / ٣٩١ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٢٣.
(٢) صحيح مسلم برقم ٢١٦٥ ـ ١١.
(٣) النيسابوري ٣٣٩ ، وسنن الترمذي برقم ٣٣٠١ ، وقال : حسن صحيح.