نزلت هذه الآية حين عادى المؤمنون أقرباءهم المشركين في الله ، وأظهروا لهم العداوة والبراءة ، وعلم الله تعالى شدة وجد المؤمنين بذلك ، فأنزل الله : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً).
ثم فعل ذلك بأن أسلم كثير منهم ، وصاروا لهم أولياء وإخوانا ، وخالطوهم وناكحوهم ، وتزوج رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب ، فلان لهم أبو سفيان ، وبلغه ذلك فقال : «ذاك الفحل لا يقرع أنفه» (١).
الآية : ٨ ـ قوله تعالى : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٨).
وأخرج البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قالت : أتتني أمي راغبة ، فسألت النبي صلىاللهعليهوسلم : أأصلها؟ قال : «نعم». فأنزل الله فيها : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ).
وأخرج أحمد والبزار والحاكم وصححه (٢) عن عبد الله بن الزبير قال : قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر ، وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية ، فقدمت على بنتها بهدايا ، فأبت أسماء أن تقبل منها أو تدخلها منزلها ، حتى أرسلت إلى عائشة أن سلي عن هذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخبرته فأمرها أن تقبل هداياها وتدخلها منزلها ، فأنزل الله : (لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ) (٣).
الآية : ١٠ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٠).
__________________
(١) النيسابوري ٣٤٩ ، وانظر تفسير القرطبي ، ج ١٨ / ٥٨ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٤٩.
(٢) المستدرك ، ج ٢ / ٤٨٥ ، وصححه الحاكم وأقره الذهبي.
(٣) السيوطي ٢٩٤ ، وزاد المسير ، ج ٨ / ٢٣٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ٥٩ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٤٩.