قالت : فلما دخل عليّ قلت له مثل ذلك ، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك ، فلما دار إلى حفصة قالت : يا رسول الله ، أسقيك منه؟ قال : «لا حاجة لي فيه». تقول سودة : سبحان الله ، لقد حرمناه. قالت لها : اسكتي (١).
عن ابن أبي مليكة : أن سودة بنت زمعة كانت لها خئولة باليمن ، وكان يهدى إليها العسل ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأتيها في غير يومها يصيب من ذلك العسل ، وكانت حفصة وعائشة متآخيتين على سائر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالت إحداهما للأخرى : ما ترين إلى هذا؟ قد اعتاد هذه يأتيها في غير يومها ، يصيب من ذلك العسل ، فإذا دخل فخذي بأنفك ، فإذا قال ما لك؟ قولي : أجد منك ريحا لا أدري ما هي ، فإنه إذا دخل عليّ قلت مثل ذلك. فدخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذت بأنفها ، فقال : «ما لك؟» ، قالت : ريحا أجد منك ، وما أراه إلا مغافير. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعجبه أن يأخذ من الريح الطيبة إذ وجدها ، ثم إذ دخل على الأخرى فقالت له مثل ذلك ، فقال : «لقد قالت لي هذا فلانة ، وما هذا إلا من شيء أصبته في بيت سودة ، وو الله لا أذوقه أبدا» (٢).
قال ابن أبي مليكة : قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في هذا : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ).
الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ).
عن ابن عباس قال : وجدت حفصة رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع أم إبراهيم في يوم عائشة ، فقالت : لأخبرنّها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هي عليّ حرام إن قربتها». فأخبرت عائشة بذلك ، فأعلم الله رسوله ذلك ، فعرّف حفصة بعض ما قالت ، فقالت له : من أخبرك؟ قال : «أنبأني العليم الخبير». فآلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نسائه شهرا ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) الآية (٣).
__________________
(١) رواه البخاري : الطلاق ، باب : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) ، رقم : ٤٩٦٧ ، ورواه مسلم : الطلاق ، باب : وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق ، رقم : ١٤٧٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨.
(٢) مجمع الزوائد ، ج ٧ / ١٢٧ ، وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح.
(٣) النيسابوري ، ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، والسيوطي ، ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، وفي إسناده عبد الله بن شبيب ، وهو ضعيف.