ضربة شديدة ، وقال : والذي نفسي بيده ، لو لا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله. فذهب فنحاص إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد ، انظر ما صنع بي صاحبك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأبي بكر : «ما الذي حملك على ما صنعت؟» فقال : يا رسول الله ، إن عدو الله قال قولا عظيما ، زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء ، فغضبت لله وضربت وجهه. فجحد ذلك فنحاص ، فأنزل الله عزوجل ردا على فنحاص وتصديقا لأبي بكر : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا) (١) الآية.
الآية : ١٨٣ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا).
قال الكلبي : نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهوذا وزيد بن تابوه ، وفي فنحاص بن عازورا وحيي بن أخطب ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : تزعم أن الله بعثك إلينا رسولا ، وأنزل عليك كتابا ، وإن الله قد عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، فإن جئتنا به صدقناك. فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
الآية : ١٨٦ ـ قوله تعالى : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً).
عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه ـ وكان من أحد الثلاثة الذين تيب عليهم ـ أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا ، وكان يهجو النبي صلىاللهعليهوسلم ويحرض عليه كفار قريش في شعره ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم قدم المدينة وأهلها أخلاط : منهم المسلمون ومنهم المشركون ومنهم اليهود ، فأراد النبي صلىاللهعليهوسلم أن يستصلحهم ، فكان المشركون واليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم بالصبر على ذلك ، وفيهم أنزل الله : (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) (٣) الآية.
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ٤ / ١٢٩ ، وزاد المسير ، ج ١ / ٥١٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ١ / ٤٣٤.
(٢) النيسابوري ، ١١٤ ـ ١١٥ ، والسيوطي ٦٣ ، والدر المنثور ، ج ٢ / ١٠٦ ، وتفسير القرطبي ، ج ٤ / ٢٩٤.
(٣) النيسابوري ، ١١٥ ـ ١١٦ ، وانظر تفسير القرطبي ، ج ٤ / ٣٠٣.