الغيب المحجوب ، فقالوا (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، فمدح الله عزوجل اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا بها علما ، وسمى تركهم التعمق في ما لم يكلفهم البحث عنه رسوخا ، فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين.
٢٢ ـ تفسير البرهان ١ / ١٢ : عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن عن بعض أصحابه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أيها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسل اليكم الرسول ، وأنزل اليه الكتاب بالحق وانتم أميون عن الكتاب ومن نزله ، وعن الرسول ومن أرسله ، على حين فترة من الرسل ، وطول هجعة من الامم ، وانبساط من الجهل ، واعتراض من الفتنة ، وانتقاض من المبرم ، وعمى عن الحق ، واعتساف من الجور ، وامتحاق من الدين ، وتلظي من الحرور ، على حين اصفرار من رياض جنان الدنيا ، ويبس من أغصانها ، وانتشار من ورقها ، ويأس من ثمرها واغورار من مائها ، قد درت أعلام الهدى ، وظهرت أعلام الردى ، فالدنيا متجهمة في وجوه أهلها ، مكفهرة ، مدبرة غير مقبلة ، ثمرتها الفتنة طعامها الجيفة وشعارها الخوف ، ودثارها السيف ، مزقتم كل ممزق ، وأعمت عيون اهلها ، وأظلمت عليها أيامها ، قد قطعوا أرحامهم ، وسفكوا دماءهم ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم من أولادهم يختارونهم طيب العيش ، ورفاهية خفوض الدنيا ، لا يرجون من الله ثوابا ، ولا يخافون والله منه عقابا ، حيهم أعمى لا يحسّ ، وميتهم في النار مبلس ، فجاءهم بنسخة ما في الصحف الاولى ، وتصديق الذي بين يديه ، وتفصيل الحلال من ريب الحرام ، ذلك القرآن ، فاستنطقوه ، ولن ينطق لكم ، أخبركم عنه ، ان فيه علم ما مضى ، وعلم ما يأتي الى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم ، وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون فلو سألتم عنه لعلمتكم.