ركنه القوي وحصنه الحصين. هي الحقيقة الضخمة ، هي التي وقفت في طريقها ، وداست على كبرياء الجبابرة في الارض ، ودكت بها المعاقل والحصون.
لقد استقرت هذه الحقيقة الضخمة في كل نفس ، وعمرت كل قلب ، واختلطت بالدم وجرت معه في العروق ، ولم تعد كلمة تقال باللسان ، ولا قضية تحتاج الى جدل. بل بديهة مستقرة في النفس. ولا يجول غيرها في حس ولا خيال.
قوة الله وحدها. هي القوة ، وولاية الله وحدها هي الولاية ، وما عداها فهو واهن ضئيل هزيل. مهما علا واستطال ، ومهما تجبر وطغى ، ومهما ملك من وسائل البطش والطغيان والتنكيل. انها العنكبوت : وما تملك من القوى ليست سوى خيوط العنكبوت
(وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)
وان أصحاب الدعوات الذين يتعرضون للفتنة والاذى ، وللاغراء والاغواء جديرون أن يقفوا أمام هذه الحقيقة الضخمة ، ولا ينسوها لحظة واحدة ، وهم يواجهون القوى المختلفة التي تضربهم وتحاول أن تسحقهم والتي تستهويهم وتحاول أن تشتريهم .. كلها خيوط العنكبوت في حساب الله ، وفي حساب العقيدة. حين تصح العقيدة ، وحين تعرف حقيقة القوى وتحسن التقويم والتقدير :
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ)
انهم يستعينون بأولياء ، يتخذونهم من دون الله. والله يعلم حقيقة هؤلاء الاولياء. وهي الحقيقة التي صورت في المثل السابق. عنكبوت تحتمي بخيوطها الواهنة (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) هو وحده العزيز القادر القاهر الحكيم المدبر لهذا الوجود القادر على حماية عبده من كل مخلوقاته.